محمد عبد الرزاق القشعمي
نشرت لي الجزيرة (الثقافية) في العدد 16550 ليوم السبت 3 /5 /1439هـ الموافق 20 /1 /2018م تحت عنوان : (عنيزة مدينة رائدة في التعليم والثقافة) معلقاً على ما سبق نشره في كتاب (معهد عنيزة العلمي .. ذكريات ومواقف) للدكتور فايز الحربي والذي قال إن افتتاح معهدي بريدة وعنيزة كان في مطلع عام 1373هـ / 1953م وهما الذين تبعا افتتاح المعهد العلمي بالرياض عام 1370هـ / 1950م تحت إشراف مفتي عام الديار السعودية الشيخ محمد بن إبراهيم .
إضافة لما اقتبسته من كلمة المهندس عثمان الخويطر الذي ألقى كلمة خريجي الدفعة الأولى من طلبة المدرسة الثانوية بمناسبة مرور ستين عاماً على افتتاحها والتي تأسست عام 1373هـ / 1953م في العام الذي فتح به المعهد العلمي وقد استعر التنافس بين شباب عنيزة فمنهم من يؤيد المدرسة الثانوية لكونها تدرس ضمن مناهجها اللغتين الفرنسية والإنجليزية والعلوم والجغرافيا وغيرها .
وهناك من يؤيد الالتحاق بالمعهد العلمي لكونه مقتصراً على العلوم الاجتماعية والدينية وعلاوة على هذا يعطى للطالب مكافأة مالية شهرياً . وقد اختتمت مقالي السابق بقولي : (( .. وقد نشأ عن هذا التنافس أن عوقب البعض مما نتج عنه نقل عمل أحدهم إلى خارج المنطقة – كمنفى – فليت أحد الشهود يكتب عن هذه المرحلة كجزء مهم من تاريخ التعليم في بلادنا خصوصاً وقد مضى على هذا الموضوع أكثر من 65 عاماً عفى عليها الزمن وأصبح من حق هذا الجيل أن يعرف تفاصيل الموضوع .. )) .
وقد اتصل بي معالي الشيخ عبدالله العلي النعيم معلقاً وشاكراً ومتسائلاً : لماذا لم تذكر اسمي ؟ فأنا المقصود بالنفي من عنيزة لاتهامي بالدعاية للمدرسة الثانوية وتشجيع الشباب على الالتحاق بها بدل المعهد! فرددت عليه قائلاً : لم أذكر اسمك خوفاً منك .. فقال إن الموضوع سبق أن نشر في الكتاب الذي ألفه الدكتور إبراهيم التركي (الإدارة بالإرادة) ومنشور به الوثيقة ..
فعدت إلى الكتاب فوجدت الوثيقة منشورة بنصها وقدم لها بـ (( في عام 1375هـ صدر قرار إدارة المعاهد العلمية بإقالة معالي عبدالله النعيم من المعهد العلمي بعنيزة (وكان حينها مراقباً فيه) لأنه يشجع الطلاب للذهاب للثانوية وعدم الإلتحاق بالمعهد خشية أن تغلق الثانوية بسبب تسرب طلابها رغبة منهم بالمكافأة التي يمنحها المعهد )) .
وبالمناسبة فقد وجدت جريدة (البلاد السعودية) تنشر في عددها 870 الصادر يوم الإربعاء 20 صفر 1369هـ الموافق 24 نوفمبر 1949م في الصفحة الثالثة خبر عن افتتاح معهد عنيزة { وهو المعهد السعودي الذي كان مقره الرئيس بمكة المكرمة } وتوثيقاً لتاريخ تأسيس المعهد الذي اختلف فيه . نجد البلاد السعودية تنشر الخبر وهذا نصه : (( لا تزال مديرية المعارف العامة تواصل جهودها للنهوض بمستوى التعليم وشتى مرافقه وقد أتينا في أعدادنا الماضية على ذكر فتح كلية للشريعة وعدة مدارس أخرى بالعاصمة في شتى الفنون ولم تقصر في اهتمامها على مدارس العاصمة فحسب ، بل كذلك عنيت بمدارس الملحقات وافتتحت في أمهات المدن بالمملكة مدارس ثانوية للتعليم العالي وآخر ما وصل إلى علمنا أن هذه المديرية قد استقدمت ثلاثة أساتذة من علماء الأزهر للتدريس بمعهد عنيزة الذي افتتح في العام الماضي ، وهم : الأستاذ عز الدين الدناصوري لتدريس الحديث والتفسير وأصولهما والأستاذ إبراهيم عيسى للغة العربية ، والأستاذ محمد قنديل للفقه الحنبلي وأصوله ، كما أنها رشحت فضيلة الشيخ عبدالمهيمن أبو السمح مديراً لهذا المعهد ، وقد وصل هؤلاء الأساتذة إلى عنيزة وباشروا أعمالهم .
وخدمة للطلاب الذين يفدون من مختلف بلدان نجد للالتحاق بالمعهد فقد سعت مديرية المعارف في افتتاح قسم داخلي بالمعهد وصدرت الموافقة السامية بذلك على أن يخصص طلاب هذا القسم ما يلزمهم من مأكل ومشرب وملابس وفرش وغيره وإن هذه الحركة المباركة قد أوجدت صدى طيباً في نفوس الأهالي وولاة الأمور في عنيزة فبعث سعادة أميرها وأهالي البلدة بعدة برقيات لفضيلة مدير المعارف العام يشكرون فيها اهتمامه بشؤون التعليم ويقدرون لحكومة صاحب الجلالة الملك المعظم هذه الالتفاتة في بث الثقافة لا نألوا في سبيلها جهداً )) . ومعلوم أن هذا المعهد لم يعمر طويلاً أو انتهى بافتتاح المعهد العلمي عام 1373هـ والدعوة ما زالت قائمة فلعل من عاصر بدايات التعليم النظامي يدلي بدلوه والكتابة عن ذكرياته ومجايليه فيذكر السلبيات والإيجابيات التي تعرضوا لها لتكون درساً وعبرة للأجيال القادمة .