بقي المسجد وللأسف الشديد النقطة الأضعف في محطات الطرق وفي بلد يعظم المساجد ويحرص على العناية بها ويتشرف بخدمتها وخدمة المصلين فيها فهي أماكن العبادة ومواضع قبول الدعاء والطاعات، وفي تلك المحطات العديد من المرافق كلها مجتمعة أو متفرقة تُدر أرباحاً ملموسة من وجهة نظر المستثمر أو المالك، ولذا يعمدون على استثمارها والمرابحة فيها ويرون أن لا رزق يسوقها الله لهم إلا من خلالها والعناية بها، في حين يبقى المسجد ومرفقاته بلا عناية ولا رعاية إلا من رحم الله وهي قليل جداً بالمقارنة بأكثر من 4500 محطة على الطرقات الرئيسية في بلد الحرمين الشريفين، وبقيت الصورة الذهنية السيئة للغاية في وضع محطات الطرق ومرفقاتها عامة وفي وضع مسجد المحطة ومرفقاته بصفة خاصة وأصبحت المملكة العربية السعودية البلد الغني الذي طال خيرها كل بقاع المسلمين في العالم وغير المسلمين مكان تندر من العالمين في وضع مساجدها التي تخدم المسافرين داخل المملكة والقادمين إليها في مناسبات مختلفة.
وفي المدخل السابق حقيقة أعدنا فقط الإشارة لها، وسوف نركز هنا كيف أن العناية بالمسجد ومرفقاته سبباً في نمو أرباح المحطة ومرفقاتها ومن واقع مسح لعدد ليس قليل على محطات الطرق التي قد زادت أرباحها وبالتالي مبيعاتها بنسبة تجاوزت 30 % بعد العناية بالمسجد في قسميه الرجال والنساء وكذلك مرافقها في القسمين، لأن المسافر لا يدفعه في المقام الأول للتوقف الا المسجد ومرفقاته وبالتالي لن يقف الا مضطراً وليس راغباً في المحطات الأخرى وهو الواقع المشاهد اليوم، ولهذا تتباين المحطات في أعداد المتوقفين فيها وتتباين تبعاً لذلك أرباحها في حين أنها تقدم خدمة واحدة ولا فرق فيما يشاهده المسافر ويلمس الفرق فيه إلا في العناية بالمسجد ومرفقاته ونظافة الموقع العام والاهتمام به دوماً، وفي حال الاهتمام بالمسجد فإن المسافر سيقف ويرتاح من وعثاء السفر وعناء الطريق ويؤدي الصلاة أو السنة ويكسب صاحب المحطة الأجر ويستخدم كل مكونات المحطة وهذا ما يزيد أرباحها ويجذب المسافر عن غيرها لذات السبب.
والمؤسسة الخيرية للعناية بمساجد الطرق التي سيبلغ عدد المساجد التي أنشأتها داخل المحطات وعلى الطرقات الرئيسية بأموال المحسنين (أفراداً وكيانات) 16 مسجداً بناء متكامل وأكثر من 80 مسجداً صيانة وتشغيلاً مع نهاية هذا العام 2018 مأو تزيد بإذن الله تعالى وكلها تحمل مواصفات عالية من الجودة واستدامة في التشغيل والصيانة واكتمال لكل ما يحتاجه المصلي فيها وفي مرافقها، هذه المؤسسة الخيرية قد أطلقت برنامجاً نوعياً مجتمعياً بمسمى (شريك التميز) وهو مخصص فقط للمحطات التي تهتم بمساجدها ومرفقاتها وتوافق فيه على شروط المؤسسة في استدامة الجودة لأنها ستعمل على الإعلان عن اسم المحطة قبل 20 كيلومتراً من الوصول إليها وكذلك قبل 10 كيلوات بالتعاون مع وزارة النقل بالإضافة إلى أنها ستدخل تلك المحطة ضمن التطبيق الذي ستطلقه قريباً على أجهزة الجوال لتُعرف المسافر بأقرب محطة تُشرف على مسجدها ومرفقاته، وكذلك ستمنحه بعد التنسيق مع وزارة العمل فيزة لعامل يخصص لمسجد المحطة كما تمنحه رخصة لحفر بئر لاستخدامات المسجد بعد التنسيق مع وزارة الزراعة والمياه والبيئة ودخول المحطات المميزة في هذا البرنامج سينقلها نقلة كبيرة وغير متوقعه منهم، وتستهدف المؤسسة الخيرية ما لا يقل عن 50 شريك تميز قبل نهاية هذا العام الميلادي، وهذا البرنامج سيحقق الاندماج والتعاون بين القطاع الخاص والقطاع الخيري وستكون موجة لخدمة المسافر المحلي والدولي ومحققة أهداف القطاعين فالأرباح للمحطات ستزداد والعناية بيوت الله سترتفع وتدوم.
ختاماً, عكفت الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني ووزارة الشئون البلدية والقروية على إصدار نظام لتشغيل محطات الطرق وأهلت اثنتي عشرة شركة محلية وخليجية وبدأت بالفعل على أرض الواقع وأنشأ البعض منها محطات خاصة بهم وستمضي تلك الشركات وربما غيرها إلى الاستحواذ على المحطات المناسبة سواء بالاندماج أو الشراء وسيخرج من السوق كل المحطات التي لا تطبق الموصفات والمقاييس المقرة في ذلك، وستقوم الوزارة بمنح حق الامتياز لكل محطة وقود وبمسافة 25 كيلومتراً قبلها و25 كيلومتراً بعدها، واستحسنت الوزارة أن تكون المؤسسة الخيرية للعناية بمساجد الطرق هي ضابط الجودة فيما يخص المساجد ومرفقاته وهذا يدفع بضرورة العناية بالمحطة ومرفقاتها بما فيها المسجد ومرفقاته ويدفع ذلك بصورة أكبر للمضي في التواصل مع المؤسسة والدخول ضمن شريك التميز وأخذ المواصفات والضوابط لتطبيقها إذا لم تكن مطبقة والعمل بالتعاون على صناعة شراكة مجتمعية خيرها في الدنيا وثوابها في الآخرة.
** **
- عضو المجلس البلدي بالرياض