سلطان بن محمد المالك
قبل مدة كتبتُ مقالاً، أسميته «زمن الدبلوماسية الشعبية»، وفيه أشرتُ إلى تنامي الاهتمام بالدبلوماسية الشعبية (العامة) في مختلف أقطار العالم. وأكدت في المقال أن السعودية الجديدة من خلال تحركات الأمير الشاب ولي العهد بدأت بشكل رائع في تطبيق مفهوم الدبلوماسية العامة من خلال جولات سموه المختلفة حول العالم. وتبرز أهمية الدبلوماسية العامة في كسر الحواجز الرسمية التي تتم من خلال الدبلوماسية الرسمية؛ إذ تتميز الدبلوماسية الشعبية بالبُعد عن الرسميات والبروتوكولات الرسمية، وهي وسيلة ناجعة للتأثير في الآخرين من خلال العديد من قنوات الاتصال والأدوات التي من أبرزها (المفكرون والإعلاميون والفنانون والجهات المهنية والطلاب والفرق الرياضية وفرق الفنون الشعبية)، وغيرها من الأدوات التي تستطيع تكوين علاقات صداقة بجهات موازية لها من مختلف أنحاء العالم.
وقد تميّزت جولات صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان ولي العهد الأخيرة لعدد من الدول بأنها لم تقتصر على الجانب الدبلوماسي السياسي الرسمي، بل جمعت معها العديد من الفعاليات والمناسبات والمناشط المختلفة بطابع ما نطلق عليه الدبلوماسية الشعبية؛ فقد شملت رحلات سموه القيام بزيارات لجامعات ومراكز بحثية وشركات، وعقد لقاءات ثنائية مع شخصيات متعددة مهتمة بالجوانب الدينية والتعليمية والإنسانية والإعلامية والتقنية والتجارية، بعيدة كل البعد عن السياسة. ومن خلال مثل تلك اللقاءات والزيارات يتم إعطاء انطباع إيجابي عن الصورة الذهنية الإيجابية التي نريد العالم أن يراها عن وطننا الغالي (المملكة العربية السعودية)، وفيها تسويق بشكل غير مباشر لمملكتنا الغالية. نجح سموه في إبراز مكانة المملكة وثقلها الكبير على المستوى الدولي، ووضح ذلك جليًّا من خلال الاهتمام الرفيع الذي حظيت به جولاته من رؤساء وقادة العديد من الدول والوسائل الإعلامية العالمية.
بالتزامن مع برنامج سمو ولي العهد المزدحم جدًّا شاركت عدد من الجهات الحكومية بدور رائع لتنفيذ الدبلوماسية العامة من خلال عقد اللقاءات الثقافية والعلمية والإعلامية، أو لقاءات الاستثمار والمال مع النظراء في تلك الدول. كما نجحت بامتياز مؤسسة الأمير محمد بن سلمان الخيرية (مسك) في تنفيذ عدد من الفعاليات المختلفة ذات الطابع غير السياسي في كل دولة تمت زيارتها، ونشط معالي أمينها العام الأستاذ بدر العساكر مع فريقه الشاب في القيام بعدد من الزيارات لجامعات ومراكز أبحاث، وتوقيع اتفاقيات مهمة للعمل معها في المستقبل، والاستفادة من نقل تجاربهم الناجحة للمملكة. وما قامت به مؤسسة مسك الخيرية هو أفضل تطبيق حقيقي للدبلوماسية العامة المطلوبة من خلال مشاركة نخبة منتقاة من شباب وشابات المملكة الذين مثلونا خير تمثيل.