المدينة المنورة - علي الأحمدي:
قام معالي الشيخ الأستاذ الدكتور سليمان بن عبدالله أبا الخيل مدير جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية عضو هيئة كبار العلماء بزيارة لكلية المسجد النبوي، وكان في استقباله فضيلة الدكتور علي بن سليمان العبيد وكيل الرئيس العام لشؤون المسجد النبوي وفضيلة الدكتور محمد الخضيري عميد كلية المسجد النبوي وفضيلة مدير معهد المسجد النبوي الشيخ علي المحيسني.
وقد ألقى معاليه محاضرة، تحدث فيها عن الوسطية والاعتدال ذاكرًا عشر وصايا لطلاب العلم، حثهم فيها على تقوى الله، والتمسك بالكتاب والسنة وفق منهج سلف الأمة، والحرص على طلب العلم الشرعي. كما شدد معاليه على لزوم الجماعة والسمع والطاعة لمن ولاه الله أمرنا. وبيّن -حفظه الله- خطر الشائعات والابتعاد عن كل ما يشغل الطالب عن طلبه العلم.
من جانب آخر، ألقى معاليه محاضرة في المسجد النبوي حول حديث حذيفة بن اليمان - رضي الله عنه - حول الجماعة والإمامة والفتن.
وابتدأ فضيلة الشيخ أبا الخيل المحاضرة بالسلام والصلاة على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثم تحدث عن أهمية ومكانة هذا الحديث العظيم وما جاء فيه، وما يقرره من مسائل تتعلق بالعقيدة والمنهج الحق الذي يقي المسلم المتبع لما جاء من هدي النبي -صلى الله عليه وسلم- مزالق الهوى والانحراف العقدي والأخلاقي والسلوكي.
وقال فضيلته: في هذا الحديث فوائد جمة، ودروس مهمة، وعظات متعددة ومتنوعة، لو أننا فهمناها وأدركناها ووعيناها وطبقناها لما دخل علينا داخل، ولما أثرت علينا الشوارد والانحرافات الفكرية والأخلاقية والسلوكية.
وقال: ولنعلم أن علماء الأمة اعتبروا من هذا الحديث وما جاء فيه من سؤال سأله حذيفة بن اليمان للنبي - صلى الله عليه وسلم - إلا أننا لا بد أن نثريه بالطرح والمناقشة، وكذلك بتعليمه وتعلمه لنا، ثم لمن نحن مسؤولون عنهم من الأبناء والطلاب وغيرهم.
ثم تحدث معاليه عن الحديث بالشرح والتبيين فقال: هذا الحديث العظيم أخرجه البخاري في كتاب المناقب، باب علامات النبوة، وأخرجه مسلم في كتاب الإمامة، باب ملازمة الجماعة عند ظهور الفتن عن حُذَيْفَةَ بْنَ الْيَمَانِ قال ((كَانَ النَّاسُ يَسْأَلُونَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الْخَيْرِ، وَكُنْتُ أَسْأَلُهُ عَنْ الشَّرِّ مَخَافَةَ أَنْ يُدْرِكَنِي. فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّا كُنَّا فِي جَاهِلِيَّةٍ وَشَرٍّ فَجَاءَنَا اللَّهُ بِهَذَا الْخَيْرِ فَهَلْ بَعْدَ هَذَا الْخَيْرِ شَرٌّ؟ قَالَ: «نَعَمْ». فَقُلْتُ: هَلْ بَعْدَ ذَلِكَ الشَّرِّ مِنْ خَيْرٍ؟ قَالَ: «نَعَمْ وَفِيهِ دَخَنٌ». قُلْتُ: وَمَا دَخَنُهُ؟ قَالَ: «قَوْمٌ يَسْتَنُّونَ بِغَيْرِ سُنَّتِي وَيَهْدُونَ بِغَيْرِ هَدْيِي؛ تَعْرِفُ مِنْهُمْ وَتُنْكِرُ». فَقُلْتُ: هَلْ بَعْدَ ذَلِكَ الْخَيْرِ مِنْ شَرٍّ؟ قَالَ: «نَعَمْ، دُعَاةٌ عَلَى أَبْوَابِ جَهَنَّمَ مَنْ أَجَابَهُمْ إِلَيْهَا قَذَفُوهُ فِيهَا». فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ صِفْهُمْ لَنَا. قَالَ: «نَعَمْ، قَوْمٌ مِنْ جِلْدَتِنَا، وَيَتَكَلَّمُونَ بِأَلْسِنَتِنَا». قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ فَمَا تَرَى إِنْ أَدْرَكَنِي ذَلِكَ؟ قَالَ: «تَلْزَمُ جَمَاعَةَ الْمُسْلِمِينَ وَإِمَامَهُمْ». فَقُلْتُ: فَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُمْ جَمَاعَةٌ وَلَا إِمَامٌ؟ قَالَ: «فَاعْتَزِلْ تِلْكَ الْفِرَقَ كُلَّهَا، وَلَوْ أَنْ تَعَضَّ عَلَى أَصْلِ شَجَرَةٍ حَتَّى يُدْرِكَكَ الْمَوْتُ وَأَنْتَ عَلَى ذَلِكَ»)).
ثم تحدث فضيلته عن مسائل الحديث بالشرح والتفصيل، وذكر هدايات الحديث التي منها: أن الإنسان المسلم لا بد أن يكون سؤاله وقوله وفعله موجهًا للخير؛ فالله وصف هذه الأمة بالخيرية: {كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ}. وقوله عليه الصلاة والسلام: «من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرًا أو ليصمت». وكذلك من هدايات الحديث على ضوء قول حذيفة «وكنت أسأله عن الشر مخافة أن يدركني». وأوضح أن الإنسان إذا أشكل عليه مسألة في العقيدة وفي غيرها من المسائل الشرعية عليه أن يسأل من يثق بعلمه من العلماء الربانيين.