خالد بن حمد المالك
من بين المضامين الداخلية في حديث ولي العهد الأمير محمد بن سلمان لمجلة التايم الأمريكية على هامش زيارته للولايات المتحدة الأمريكية، ما قاله عن النظرة إلى شيعة المملكة، فأكد أنه ينظر إليهم كسعوديين بعيداً عن المذهب، وأنه لا تفرقة بين مواطن سعودي سني وآخر شيعي، بدليل أن أكبر شركة في العالم وهي شركة أرامكو مديرها التنفيذي شيعي، وفي كل من مجلس الوزراء ومجلس الشورى مواطنون شيعة، وإن أهم جامعة بالشرق الأوسط وهي جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية مديرها من أتباع الطائفة الشيعية، فالمواطنة أولاً وأخيراً، دون النظر إلى المذهب الذي ينتمي إليه أي مواطن.
* *
يقول الأمير إن المملكة حققت الكثير في محاربتها للإرهاب، فقد وضعنا قوانين وحققنا إنجازات على مستوى التخطيط الأمني وإستراتيجية الأمن وإستراتيجية الإعلام ونظام التعليم، وهناك من الأمور ما يجب أن تتعامل معها بطريقة مخفية، مضيفاً أن هناك توجهاً للتقليل من عدد من يتم تنفيذ حكم الإعدام بهم من المتطرفين، وأن طرح أرامكو لم يتأخر، فنحن نريد أن نختار الوقت المناسب، لكننا مستعدون لطرحها الآن إذا ما أصبح الوقت مناسباً.
* *
نحن نعتقد -يقول الأمير- أن الدولة الوحيدة التي يمكن أن تحقق قفزة في مجال الطاقة الشمسية ومجال تصنيع الطاقة هي السعودية، لأن لدينا جميع عناصر النجاح، وفي شأن آخر قال ولي العهد إن ثراء الشخص ليس جريمة، بل الجريمة تكمن في أن تكون فاسداً، وفي حال كنت فاسداً أرجو أن توضح لي فسادي، وتقدم الدليل على ذلك، ويمكنني إعطاؤك سجل العائلة؛ عائلة آل سعود، قبل تأسيس المملكة، وسجل الملك سلمان منذ ولادته، وسجلي أيضاً.
* *
هذا بعض ما تحدث به الأمير محمد بن سلمان، أقول بعض، لأن هناك مضامين أخرى كثيرة مهمة، لم أتناولها في خياراتي، حتى لا أُفقد الموضوع أهميته، وحتى لا أفسد على القارئ متعة استيعاب ما قاله الأمير للمجلة، لكن من المهم أن نذكّر القارئ بأن الربط بين أحاديث سموه لوسائل الإعلام وزيارته لأمريكا ضرورة اقتضاها الحرص من الأمير على توضيح الحقائق، في كل شأن كان له علاقة بالزيارة، أو بموقف المملكة من الأحداث الإقليمية والعالمية، فالمملكة دولة مهمة ومؤثرة، ولا بد من ظهور قيادتها لإيضاح أي لبس أو تفسير خاطئ يخصها.
* *
وسائل الإعلام في تسابقها للحصول على موافقة الأمير لإجراء مثل هذه اللقاءات الصحفية سببه أن لدى ولي العهد ما يقوله لها، وسببه الآخر أن المملكة تمر الآن بمرحلة تحوّل، وهو ما يفسره المتابعون على أنها السعودية الجديدة، فالأنظمة والقوانين تمر بمرحلة تغيير، والانفتاح على العالم يشهد تسارعاً غير مألوف، وفتح المجال على أنماط من الترفيه يأخذ من القيادة بعض الوقت لإقراره، وهكذا النظر إلى حقوق المرأة وتمكينها من التغلب على ما كان مثار شكوى منها.
* *
وهناك الاهتمام بتنويع الاقتصاد والاستثمارات، والبحث عن فرص للشراكة مع الشركات العالمية لإيجاد مداخيل أخرى للمملكة من خلال المصانع والشركات التي هي في طور الولادة بالمملكة العربية السعودية، وهو جهد خلاّق يقوده الرجل النشط ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، مدعوماً من الملك سلمان، ومن الشعب السعودي الذي يرى أن تحركات أميره، وتوالي صدور الأنظمة والقرارات وإعادة هيكلة مؤسسات الدولة، والاعتماد على الشباب وذوي الخبرة من غير الشباب في برنامج التحول الوطني، وتنفيذ رؤية 2030، إنما هي خطوات جسورة على الطريق الطويل في بدء تنفيذ البرنامج الطموح لتغيير النمط التقليدي في إدارة الدولة في العصر الرقمي وثورة الاتصالات.
-يتبع-