د. جاسر الحربش
لعبة البلوت كتسلية اجتماعية مقبولة سهلة التعلم وتساعد على تصريف الوقت عند من لديه فائض منه. ألعب شخصياً البلوت ربما مرة في الأسبوع، لكن إلى أي مدى أستمتع، الجواب ليس لأكثر من ساعة واحدة. هل أشعر بالاسترخاء أم بالتوتر أثناء اللعب، في أغلب الأحوال بالاسترخاء، ولكن أحياناً بالتوتر حسب شخصيات الفريق. هل أعتبرها رياضة عقلية مثل الشطرنج، الجواب لا ولكنها قد تكون لعبة نصف عقلية مع الكثير من الحظ مع الورق. هل هي تسلية اجتماعية؟ إلى حد ما. هل أعتبرها مضيعة للوقت؟ نعم إذا استهلكت كامل وقت الجلسة وصرفت الحضور عن تبادل الأحاديث مع بعضهم. هل هي لعبة حظ؟ إلى حد كبير. ما مقدار الذكاء والفطنة المطلوبتان لهذه اللعبة؟ أعتقد أن المطلوب قدراً من الذكاء أكثر من المتوسط مع قدرة عالية على التركيز وتذكر ما فات واستنتاج ما بقي من الأوراق في يد كل لاعب. هل يمكن الغش في لعبة البلوت؟ نعم الغش باستغلال غفلة أو طيبة الفريق المضاد وبطريقة إنزال الورقة على الطاولة ومن خلال الترميز بحركات العيون والأصابع وقسمات الوجه.
هل يمكن مقارنة القيمة الفكرية للبلوت مع الشطرنج؟ لا يمكن لأن الشطرنج لعبة ميدانية على المكشوف تتطلب استيعاباً جغرافياً وتركيزاً هندسياً ورياضياً لعدة خطوات إلى الأمام والغش فيها غير ممكن، أما لعبة البلوت فتفتقر إلى كل هذه الميزات.
السؤال الأهم هل تستحق لعبة البلوت اعتبارها رياضة وطنية ذهنية تؤهل لمسابقات عالمية بين أذكياء العالم؟. لا أعتقد ذلك، فهي لعبة مكانها الجلسات الخاصة.
في الأيام الأخيرة أقيمت مباريات مكثفة جيدة التنظيم للعبة البلوت في مكان غير متوقع هو مركز الملك عبدالله لأبحاث النفط، ربما لأن المركز يوفر مساحات كبيرة غير مستغلة. كان من الممكن إقامة المباريات في قاعة مناسبات اجتماعية أو صالة فندق كبير أو مبنى رياضي، ولكن اختيار مركز أبحاث للنفط يبقى سؤالاً متكرراً يحتاج إلى جواب مقنع. هل ستساهم مباريات لعبة البلوت في المزيد من الانتشار في الداخل والخارج؟. لا أعتقد لأن انتشارها في السعودية بلغ المدى الأقصى منذ عشرات السنين وغير موجود حتى في البلد الذي اخترعها، ويقال إنه فرنسا أو ربما الهند أو الصين، ولم ينتقل الافتتان بها إلى خارج حدود المنطقة الخليجية.
هل يتوقع عقد المزيد من المباريات في لعبة البلوت محلياً في المستقبل بحيث تتحول إلى مقابلات سنوية أو أكثر أو أقل؟ إن ذلك يعتمد على الاقتناع بالمخرجات العقلية والفوائد الاقتصادية الممكن توظيفها لصالح المرحلة التنموية. الوطن في أشد الحاجة إلى مهارات تضيف للعقل والاقتصاد مع الحاجة إلى بعض الترفيه البيني، في الإجازات أو العطل، مثل مشاهدة كرة القدم أو فيلم في صالة السينما أو القيام بزيارة مسائية لما يتيسر من النشاطات الثقافية، ثم الرجوع إلى المنزل بمزاج مرتاح وإضافة معرفية وثقافية استعداداً ليوم العمل التالي.