يوسف المحيميد
كتبت قبل أسابيع في هذه الزاوية عن هيئة الثقافة، وذكرت أنني أشعر بقلق تجاه هذه الهيئة، وأن الثقافة منذ السبعينات والثمانينات وحتى الآن، وهي تُستخدم في غير مكانها، حين كانوا يعرفون الأندية الرياضية بشعار (ثقافي اجتماعي رياضي)، مروراً بالوزارة التي تورّطت بإضافة اسم الثقافة وهي لا علاقة لها من قريب أو بعيد بالثقافة، وحتى الإعلان عن تأسيس هيئة الثقافة الذي جاء متزامناً مع تحولات اجتماعية مهمة في الداخل، بإنشاء دور سينما، وعودة الحفلات الغنائية، وغيرها مما كان ممنوعاً على مدى أربعين عاماً.
لقد كتبت أنني أخشى أن ينعكس ذلك على اهتمامات الهيئة الجديدة، بأن تقتصر قطاعاتها على الفنون البصرية فقط: السينما والمسرح والموسيقى، وهذا ما اتضح بعد أول مجلس إدارة لها مكون من إعلاميين ورياضيين وموسيقيين وملحنين، وليس بينهم مفكرون وأدباء، فكيف ستُعنى هذه الهيئة بالمنتج الفكري والأدبي، كيف ستُعنى بصناعة النشر، بالكتاب، بالمكتبات، بالأدب، بأدب الطفل، بالمعارض والمهرجانات الأدبية والثقافية.
ولقد اتضحت ملامح صراع بين هيئتين، الترفيه والثقافة، على السينما والموسيقى والمسرح، فالأولى تعتبره ترفيهاً، والثانية تعتبره ثقافة، والخاسر من ذلك هي الثقافة عموماً، والأدب خصوصاً، وكأنما الأدب أصبح أمرًا معيبًا، رغم أن الأدباء في الخمسينات والستينات هم من صنعوا الصحافة في بداياتها، كالجاسر والسباعي وابن خميس وغيرهم.
كم هي مأكولة مذمومة تلكم الثقافة، تُستخدم في العناوين واللافتات، لكنها مغيّبة عن الواقع، فالكل يسمع بها، لكنه لا يجدها، يرى اسمها لكنه في غير مكانه، إنها مثل ربطة عنق جميلة على جدار إسمنتي!