سمر المقرن
أنا على ثقة، أننا في هذه المرحلة التي نشهد فيها هذا التغيير الجذري على كافة الأصعدة، بأن قضية المتاجرة بالدماء سوف تنتهي وتكون من ذكريات الماضي. وأقصد هنا بالمتاجرة هي طلب مبالغ دية خيالية للعفو عن القاتل، والتي صارت تأخذ طقوساً دعائية واستعطافية تعزف في الغالب على وتر القبيلة!
بعد تلك المرحلة التي أجزم بنهايتها، وبعد ما وجدته وأنا أقرأ عبارات صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان، في حواره لمجلة التايم، عندما تحدث عن العمل على نظام جديد خلال تقريباً عام ووصفه لهذا النظام ب»المبادرة» لتقنين عقوبة الإعدام، لكنه في الوقت ذاته لن يكون هناك إلغاء لهذه العقوبة، كونها من وجهة نظري وبعيداً عن الأحكام الشرعية، هي عقوبة إنسانية تدحر عن المجتمعات تراكم الاحتقان ومشاعر الثأر من الشخص الذي اعتدى بالقتل على شخص آخر، فمن الصعب أن يرى أهل القتيل من قتل حبيبهم وهو يتمتع بالحياة التي حرمها شخص آخر. ولعلي هنا أعود إلى حجج المنظمات والجمعيات الحقوقية المناهضة لعقوبة الإعدام، والتي تدعم رأيها برفض عقوبة الإعدام من باب حق الإنسان في الحياة، وهذا صحيح من حق كل إنسان أن يعيش هذه الحياة، لكنهم في كل آرائهم ومناقشاتهم لم يتطرقوا إلى الإنسان الذي حرمه من -يدافعون عنه- حق الحياة، ولم يتطرقوا كذلك إلى أسرة هذا الإنسان والأضرار النفسية البالغة عليهم بسبب حرمانهم من أحب الناس لهم في أن يبقى معهم في هذه الحياة.
أقولها بصدق، إن الإعلام الغربي لم يعد يجد أي مدخل يحاول من خلاله إحراجنا، لأننا في حالة تغيير جذرية لا يمكنهم من خلالها إيجاد أي منفذ علينا سوى في أمور بسيطة وسطحية موجودة لدى معظم البلدان، وقد يكون أحدها (عقوبة الإعدام) والتي لم يتم إلغاؤها في كثير من الدول من بينها الولايات المتحدة الأمريكية، ولا يمكن بالمنطق والعقل أن تُلغى، ولعلنا نتذكر في السياق ذاته التجربة الأردنية بعد أن تم إلغاء عقوبة الإعدام لمدة تزيد عن عشرين عاماً عادت العام الماضي ونفذ حكم الإعدام بحق 15 مداناً بجرائم جنائية وإرهابية، هذه التجربة تؤكد لنا استحالة إلغاء عقوبة الإعدام بالمطلق، لكن في الوقت ذاته كما ذكر ولي العهد في حواره أنها سوف تخضع لأنظمة جديدة تعمل على تقنينها، وهذا هو المطلوب لتصحيح المسار، فلا أن تكون العقوبة مفتوحة للاجتهادات، ولا أن تغلق فيكون الضرر أكثر من المنفعة!