خالد بن حمد المالك
منذ اليوم الأول من زيارة ولي العهد لفرنسا ظهر واضحًا أن سموه يحمل ملفات مهمة، وأن لديه من الأفكار ما ستكون مجال ترحيب فرنسي بها. كان الأمير يعرف أن الفرنسيين تابعوا النجاحات الكبيرة التي حققتها الزيارة الأميرية لكل من الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا، وأنهم حريصون على أن تتوج زيارته لبلادهم بما لا يقل عن تلك النجاحات التي تحققت في كل من أمريكا وبريطانيا. وكان الأمير - بكل تأكيد - يحمل التمنيات نفسها بأن تكون زيارته لها الفرص نفسها من النجاح. وكان هذا القاسم المشترك في هذه الرغبة بين باريس والرياض قد سهَّل الطريق أمام تحقيق ما سعى إليه الرئيس والأمير.
* *
أهمية الزيارة أنها تتمحور حول إقامة شراكة استراتيجية جديدة، وليس وراء العقود فقط كما تقول بذلك وكالة الصحافة الفرنسية. فإذا كان الهدف عدم الجري وراء العقود فقط، والتركيز على شراكة جديدة بين البلدين، فإن العلاقات الثنائية سوف تنطلق من الآن للاستثمار بشكل يمكن أن تُفتَح معه الأسواق السعودية للشركات الفرنسية ورجال الأعمال الفرنسيين للاستفادة من الفرص في مجال التصنيع والتعليم والصحة والسياحة والترفيه والثقافة وغيرها؛ الأمر الذي يمكن القول معه إننا أمام مرحلة تحوُّل بامتياز بالنسبة لعلاقة الرياض وباريس.
* *
وصل الأمير محمد يوم الأحد الماضي، وبدأت زيارته الرسمية يوم الاثنين الماضي، ومنذ يومها الأول ظهر جليًّا حجم الاهتمام بزيارة ولي العهد؛ فقد أقام الرئيس الفرنسي ماكرون مأدبة عشاء لسموه بمتحف اللوفر، وكانت المناسبة فرصة لإقامة علاقات شخصية بين الرئيس والأمير؛ فقد كانت الأجواء ودية وحميمية، وذات طابع أخوي، تعتمد على العلاقة التاريخية بين بلدَيْنا. فيما كان هناك لقاء مهم مع رئيس الحكومة الفرنسية إدوار فيليب في مقره في قصر ماتينيون لمراجعة العلاقات السعودية - الفرنسية، ولبحث الفرص المتاحة أمام فرنسا للاستثمار بالمملكة. ومثل ذلك، فقد استقبل الأمير في مقر إقامته وزير خارجية فرنسا جان إيف لودريان، وتم بحث التطورات في منطقة الشرق الأوسط، والتنسيق بين الأمير والوزير بشأنها.
* *
كانت لقاءات الأمير مع رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة ووزير الخارجية تمهيدية قبل الدخول في تفاصيل الملفات التي يحملها سمو الأمير في اليوم الثاني، وقبل توقيع عدد من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم، التي قُدر حجمها بأنها تشمل عددًا من الفرص المتاحة للاستثمار بمليارات الدولارات، وعلى رأسها اتفاقية لتطوير محافظة العلا وتراثها؛ ففرنسا لديها خبرات واسعة تشجِّع على تكثيف التعاون معها في مجالات عدة، خاصة في تطوير منطقة العلا وإحياء قيمتها التاريخية.
يتبع