أ.د. حمد بن ناصر الدخيِّل
اطلعت على مقالة (مدينة الرياض والتلوث البصري) للكاتبة رقية بنت سليمان الهويريني، المنشورة في عدد الجزيرة (16621)، بمناسبة قيام أمانة منطقة الرياض بحملة إزالة التلوث البصري تحت شعار (بيئة نظيفة حياة أفضل). وأحسنت الكاتبة صنعاً حين قدمت بعض الإرشادات لمن سيسند إليهم تولي الحملة من موظفي الأمانة والعاملين فيها، وأبدت ملحوظات جوهرية تمس وضع النظافة المتردي في سائر مدن المملكة وقراها. ولا شك أن كل مواطن مخلص لبلده، غيور عليها حريص على مصلحتها سيوافق الكاتبة فيما عرضته من وصف التلوث الذي نشاهده في الأحياء والطرقات وأمام المساجد والتموينات والأسواق وساحات مواقف السيارات، والحدائق والمنتزهات والأراضي المكشوفة.
وتمثّل المقالة واحدة من عشرات المقالات التي نشرت عن مستوى النظافة في المدن خاصة، وأذكر أنني أسهمت بعدد منها، نشرتها في أوقات مختلفة، منها مقالة تناولت وضع النظافة في دورات المياه الملحقة بالمساجد. ولكن على الرغم من كثرة ما كتب فلم أر أي أثر إيجابي حتى كدت أنكر أثر الصحافة في الوعي الاجتماعي.
الحملة المؤقتة لا تجدي، والهبة الواحدة تنقضي بأمدها، ثم يعود الوضع الشائك كما كان، نريد تغييراً جذريًّا لممارسات النظافة الموكولة إلى وزارة الشؤون البلدية، ونطمح إلى وضع نظام صارم جاد في احتواء التلوث البصري الذي يعصف بمدننا وقرانا وشوارعنا وطرقاتنا المحلية والدولية.
لن ينجح أي مشروع لاحتواء وضع النظافة الشائك إلاّ بكف المواطن عن الإساءة لنظافة بلده وذلك بوضع نظام صارم لا مثنوية فيه يجرِّم كل من يرمي مخلفات من مركبته سائرة أو واقفة، أو يرميها في غير مكانها المخصص.
والخطوة المصاحبة المهمة لتطبيق الجزاءات الصارمة لمن يسيء إلى نظافة بلده ضرورة مراجعة وزارة الشؤون البلدية لإدارتها في النظافة، فإدارتها الحالية على مستوى المملكة غير مرضية، وجهودها المبذولة أقل بكثير من أن تفي بما يستحقه هذا القطاع من أهمية؛ لصلته بصحة الإنسان، واحتواء الأمراض والمظهر الحضاري، والمشهد الجمالي، وتربية الذوق الاجتماعي، أعرف تماماً أن القائمين على قطاع النظافة في الأمانات والبلديات يدركون أيضاً أن مستوى النظافة الحالي يحتاج إلى دعم أكبر بالمال والعمال والقدرات، ولا تنقصهم الخبرة وممارسة العمل والإشراف إذا أتيحت لهم الإمكانات اللازمة.
لكي تستمر حملة شعار (بيئة نظيفة حياة أفضل) أدعو الكتاب والإعلاميين إلى الاهتمام بوضع النظافة، وتوظيفه في مقالاتهم وكتاباتهم؛ لتصبح النظافة في بلادنا سلوكاً حضارياً مستمراً، نمارسه على المستوى الفردي والجماعي في الإقامة والسفر، في المدن والقرى والفضاء الصحراوي، وأن نعتبر أي مكان نقيم فيه في وطننا بمنزلة البيت الذي نعيش فيه من حيث الاهتمام بنظافته ومقتنياته.
وأختم تعقيبي بالسؤال الموجه إلى أطباء العيون: هل للتلوث البصري أثر في إضعاف النظر؟
أما تأثيره على الصحة ونشر الأمراض فلا يحتاج إلى إثبات.