فيصل خالد الخديدي
المبدعون فئة مميزة وهم سر ارتقاء مجتمعاتهم في شتى المجالات، ولكن متى ما وجدوا الرعاية والدعم والتقدير والاحترام الذي يستحقونه، وعادة ما يكون لهم طقوسهم الإبداعية الخاصة التي تستوجب عناية خاصة بهم وبإبداعاتهم، وهم قلة قليلة وعملة نادرة تحتم المحافظة عليهم في حياتهم والعناية بإرثهم وإبداعهم بعد رحيلهم، والفقد سنة كونية تطال بين الفترة والأخرى المبدعين وبخسارتهم ينقطع إبداعهم ويضيع إرثهم ويندثر ذكرهم إن لم يكن هناك توثيق لمسيرتهم وحفظ لإبداعهم ودراسة مستفيضة لمنجزاتهم.
والساحة التشكيلية المحلية تضم بين جنباتها عدداً من المبدعين يستحقون العناية والرعاية والتوثيق لمنجزاتهم، لأنها تشكل إرثاً وشاهداً على حضارة البلد ورقية وتطوره في المجال الثقافي والفني، رحل منهم البعض ويبقى البعض، ومن رحل بعد أن عاش حياة صعبة لإبراز إبداعه وإثبات قدراته وبناء ذاته، لم يكن يجد العناية المستحقة له في حياته من المؤسسات الثقافية والحكومية فرحل تاركاً إرثه للضياع ومع رحيل كل مبدع تفقد الساحة درة من عقد مبدعيها ويفقد الوطن جزءاً من تاريخ ثقافته الذي لم يوثق، وحتى إذا كان هناك حراك لتكريمه ودعمه يأتي متأخراً ومخجلاً بعد فقده.
إن الأمل الآن كبير في وزارة الثقافة ومع تشكيل مجلس إدارة الهيئة العامة للثقافة زاد الأمل في أن يكون هناك دعم ورعاية حقيقية لمبدعي الفنون التشكيلية بجميع مراحلهم ابتداءً من إنشاء قاعدة بيانات للفنانين وأجيالهم وسيرهم ومنجزاتهم, والعمل على إقتناء أعمال من مراحل كل فنان وإقامة متاحف فنية بها أو معارض متجولة للتعريف بفنهم وفتح المجال لأكثر من فئة مبدعة للمشاركات الدولية المشرفة بعيداً عن الاحتكار على أسماء محددة، وإتاحة الفرصة لمن يستحق منجزه أن يظهر، كما أن توثيق مسيرة الجيل الأول والذي يليه من الفنانين أمر بالغ الأهمية في مسيرة الفن التشكيلي السعودي والعمل على مشروع سلسلة كتب يضم كل كتاب منها مسيرة فنان يرويها بشفافية وصدق مدعمة بالصور والمنجزات وبلغة فنية أدبية راقية تعطي الفنان حقه من التوثيق قبل رحيله وتؤسس لمكتبة فنية تشكيلية سعودية على قدر كبير من المنهجية والمصداقية وتحفظ للفنان شيء من حقه في التوثيق قبل رحيله.