د.عبدالعزيز العمر
تناول بعض الاقتصاديين والتربويين مسألة العلاقة بين مقدار ما يُصرف على التعليم من مال (من جهة) وجودة التعليم مقاسة بإنجازات وتحصيل الطلاب (من جهة أخرى). ولم تكشف الدراسات بصورة قاطعة عن وجود علاقة مطردة واضحة بين جودة التعليم ومقدار ما يُصرف عليه من أموال. في هذا الشأن أشار مؤلف الكتاب المعنون «هل المال مهم؟ أثر وفرة مصادر المدرسة على تحصيل طلابها» إلى أن نتائج الدراسات لم تكن متفقة حول طبيعة العلاقة بين مقدار ما يُصرف على التعليم من مال وجودة ذلك التعليم؛ فقد أظهرت نتائج بعض الدراسات أن زيادة الإنفاق على التعليم لم تحقق في المقابل تطورًا تعليميًّا يوازي هذه الزيادة في الإنفاق. بل إن بعض الدراسات كشفت أن الدول التي تماثلت في صرفها على نظمها التعليمية لم تكن متماثلة في جودة تعليمها وإنجازات طلابها. وفوق ذلك تبيَّن أن الطلاب الذين درسوا في مدارس ثرية في مصادرها، وغنية في ميزانياتها، لم يكونوا الأفضل تعليميًّا من الطلاب الذين درسوا في مدارس متواضعة الميزانية والمصادر.
لا شك أن الغالبية من الناس يتوقع، بل يفترض أن وفرة المال يجب أن تساهم في رفع جودة التعليم، ولكن لماذا لا يحدث ذلك أحيانًا؟ في العموم، يفشل المال في تحقيق أي تطور تعليمي عندما يأخذ تطوير التعليم منحى مظهريًّا شعاراتيًّا سطحيًّا، يتوهم الناس معه أن تطورًا تعليميًّا قد تحقق. كما يفشل المال في تحقيق أي تطور تعليمي عندما تعبث يد الفساد بمقدرات التعليم وقراراته. كما يفشل التعليم عندما تغيب مساءلة ومحاسبة القائمين على التعليم على المستويات كافة عن تردي مستوى أدائهم. ويفشل التعليم عندما لا تتمتع تلك القيادات بمستوى عالٍ من المهنية والاحترافية في الأداء.