خالد بن حمد المالك
عبثاً حاولت قطر بإعلامها الرخيص أن تسبق موعد انعقاد مؤتمر القمة العربية في الظهران بالإعلان عن فشله، كما فعلت حين تحدثت عن الموقف السعودي من إعلان الرئيس الأمريكي نقل السفارة الأمريكية إلى القدس والاعتراف بها عاصمة لإسرائيل، بالقول إن المملكة لها دور في هذا القرار، وكأن الدوحة تريد أن تبحث لها عن شركاء في التآمر على القضية الفلسطينية بعد افتتاحها مكتباً لإسرائيل في العاصمة القطرية، وتردد القيادات القطرية على تل أبيب للتفاهم على منع إقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس العربية.
* *
لكن لم يطل الوقت كثيراً، فإذا بمؤتمر القمة العربي يبدأ اجتماعاته وتنتهي بالقرارات التاريخية التي أعلن عنها، وإذا بالمؤتمر يُفشل كل ما كان يصدر عن الأبواق القطرية المشبوهة التي حاولت أن تشوّه صورة هذه الدورة، وتسبق عقد الاجتماع بالإعلان عن فشلها، والتأكيد على عدم صدور أي قرارات مهمة عنها، فقط لأنها تعقد في المملكة، ويرأسها الملك سلمان، دون أن تحسب حساباً للمفاجآت السارة التي سيعلن عنها خادم الحرمين الشريفين، وستكون بمثابة الضربة القاضية لنظام تميم، وإعلامه الرخيص.
* *
أعلن رئيس القمة العربية الملك سلمان عن إطلاق اسم قمة القدس على هذه الدورة من اجتماعات القمة العربية للتأكيد على أن العرب والمسلمين -المملكة تحديداً- تتمسك بالقدس عاصمة للدولة الفلسطينية، وزاد على ذلك بالإعلان عن تبرعه بـ200 مليون دولار لدولة فلسطين (150 مليون دولار لدعم أوقاف القدس الإسلامية، و50 مليون دولار دعماً لوكالة الأونروا)، ففلسطين كما يقول الملك سلمان هي قضيتنا والقدس قمتنا، فماذا لدى قطر أكثر من المؤامرة على القضية الفلسطينية، وبيعها في سوق المزايدات المشبوهة.
* *
ولأن القضية الفلسطينية هي قضية المملكة الأولى، إلى أن يحصل الشعب الفلسطيني على حقوقه المشروعة بإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية، فقد سارع خادم الحرمين الشريفين في كلمته أمام المؤتمر إلى تجديد رفضه واستنكاره لقرار الإدارة الأمريكية بشأن نقل العاصمة الإسرائيلية إلى القدس، مؤكداً أن القدس الشرقية جزء لا يتجزأ من الأرض الفلسطينية، فأين جزيرة قطر من هذا الموقف السعودي المساند للقضية الفلسطينية، وكيف لها أن تفسر تعامل المملكة الرافض والمستنكر لاعتراف الرئيس ترامب بالقدس الشرقية عاصمة لإسرائيل، مع كل ما ترتبط به الرياض وواشنطن من علاقات ثنائية متميزة لم تحل دون أن يكون هذا هو موقف المملكة؟
* *
لا ألوم الدوحة في أن يكون موقفها من اجتماع القمة العربية هكذا، فهي -كما رأينا- منبوذة من الجميع، يشعر المتابع وهو يرى المندوب القطري في القمة وهو مكسور الخاطر، يقف وحيداً وقد تجنب القادة الحديث معه، أو التفكير في أي تفاهمات معه لإنجاح ودعم المؤتمر، خصوصاً أن نجاحه لا يعتمد على دويلة تتآمر على أشقائها، وتدعم الإرهاب والتطرف، وتفرِّط بالقضية العربية الأولى وهي القضية الفلسطينية، فقد خيّمت على المؤتمر أجواء من الانسجام وتطابق وجهات النظر، إذ جاء في البيان الختامي مطالبة إيران بسحب ميلشياتها من كافة الدول العربية ووقف التدخلات في شؤونها الداخلية وتأجيج الطائفية، وأن السلام الشامل والداعم هو خيار عربي إستراتيجي تجسده مبادرة السلام العربية.
* *
في إعلان قمة القدس أيضاً تمت إدانة شديدة لاستهداف المملكة بـ119 صاروخاً بالستياً من ميلشيات الحوثي الإرهابية المدعوة من إيران، وهذه القرارات التي صدرت عن الدورة التاسعة والعشرين للقمة العربية، إلى جانب قرارات أخرى تضمنها الإعلان الختامي إنما تمثّل الموقف العربي الإجماعي، وإن كان للدوحة موقف آخر يعارض الكثير من القرارات التي لا تخدم مواقفها في دعم الإرهاب والتطرف والتعاون مع إسرائيل وإيران.