د. حمزة السالم
المصطلح كلمة تدل على معنى الكلمة ومفهومها في المجال العلمي الذي استخدم فيه. فالتعقيم هو كلمة أصله من العقم. وهو عدم الإنجاب. وفي الطب هو التطهير من الجراثيم وفي الاقتصاد هو عملية موزانة للنقد المحلي بعد عملية شراء أو بيع لها بعملة دولية.
وأما التعريف فهو يتعلق بأصل الكلمة في اللغة. كالقرض تعريفه في أصل اللغة هو القطع.
وأما الدلالة اللغوية فتتعلق بمفهومها ومعناها عند الناس. فكلمة القرض عند الناس، تدل على التمويل، بينما التمويل سلف في دلالة الشرع، والسلف بيع لا قرض.
أما الحد: فهو يتعلق بقياس حسي أو مادي الذي يدخل فيه التعريف أو المصطلح أو الدلالة، ويُخرج ما عداه. فحد الخمر في اللغة، هو ما خمر من العنب. أما حده الشرعي فهو ما أسكر قليله في مجلس واحد، أعنبا كان أم بخارا. وأما حده في دلالته اللغوية في مفهوم الناس هو كل ما يقدم من مشروبات روحية. فالكلمة يضيق معناها ويتسع، بضيق حدها واتساعه.
وقد تختلف كلمتان في اللفظ وفي المصطلح، ولكنهما يتفقان في الصورة، فيفرق بينهما الحد والدلالة، ككلمتي الاحتكار والادخار. فلا يُفرق بينهما الا بالدلالة والحد.
وقد يدل التعريف اللغوى للفظ ما على معنى الذم، ولكن لا يعني هذا لزوما على دلالته عند الناس. فالذم والمدح لا علاقة لهما باللغة، وإنما بما دلت عليه الفطرة من الأخلاق، ما تعارفت عليه المجتمعات بالأعراف.
وهناك تقاطعات وافتراقات بين التعريفات الشرعية والتعريفات اللغوية.
فقد يكون التعريف الشرعي أوسع نطاقا من التعريف اللغوي، كالخمر، فالتعريف الشرعي أوسع من الخمر هنا، ولا يحد اتساعه، إلا ما لم يُسكر قليله.
وقد يكون التعريف الشرعي أضيق نطاقا من التعريف اللغوي. كالربا في اللغة هو الزيادة في القيمة أو عدد أو وزن أو حجم، فيشمل كل حي ومتحرك. وليس هو كذلك في الشرع. فالتعريف الشرعي أضيق بكثير من التعريف اللغوي.
وقد يكون التعريف الشرعي متوافقا نطاقا من التعريف اللغوي. كما هو الحال في تعريف الذهب وتعريف الرق. فالذهب هو هو الذهب لغة ودلالة وشرعا، والرقيق كذلك. ويستفاد من ذلك قاعدة عظيمة:
إنه ما اتفق عليه نطاق اللغة والشرع فهو دلالة على امتناع القياس وقصر الحكم على المحكوم فيه.، كالذهب والفضة والرق والحمار الأهلي والحرير وغيرها، فما من قياس صحيح لغيرهم عليهم.
وقد أوذي بن سعدي رحمه الله، ومنع حتى من التفكير في حكم النقد الحديث. فأظنه حكي حاله وحالهم في تعليقه على آية الربا في آل عمران في تفسيره (تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان) «تقدم في مقدمة هذا التفسير أن العبد ينبغي له مراعاة الأوامر والنواهي في نفسه وفي غيره، وإن الله تعالى إذا أمره بأمر وجب عليه -أولا- أن يعرف حده، وما هو الذي أمر به ليتمكن بذلك من امتثاله، فإذا عرف ذلك اجتهد، واستعان بالله على امتثاله في نفسه وفي غيره، بحسب قدرته وإمكانه، وكذلك إذا نهي عن أمر عرف حده، وما يدخل فيه وما لا يدخل، ثم اجتهد واستعان بربه في تركه، وأن هذا ينبغي مراعاته في جميع الأوامر الإلهية والنواهي» انتهى من كلام بن سعدي رحمه الله.