نادية السالمي
مذ سرت في ركب امرؤ القيس: نحاول «فكرا» أو نموت فنعذر
وساعة العمر بتوقيت الخطى.. خطى امرؤ القيس إلّا (خطوة).
وهذا الاستثناء يجعل من الجور والشطط القول بأن هذا الرجل غرّني بأضواء قوله..
على كل حال المحاولات باءت بالفشل، والموت في غياب المعذرة وتقديرها قاب قوسين أو هو أدنى.
فلا الثقافة أورقت غير اليباس في عقول تعذّر عليها الوعي والتنوير بالحقوق والمساواة.
ولا الإنسان بقي متحدًا بالرحمة المخبوءة في عمق فيه سجين.
أسئلة هربت إجاباتها:
يبدو أننا معشر الكتّاب نكذب لسبب ثالث بعد الدواعي الأمنية والبلاغية ألا وهو الأمل، الأمل بغد أفضل!.
تشابهت نهاية أملنا (الأفضل) بأمل الإنسان _البسيط المتخلّف عن الوعي والقراءة_ الذي ظل عمرًا يبني تمثالًا في جوفه للأمل ثم بمحض إرادته تعمّد هدمه لأنه اكتشف أن الأمل ثوب يستر عورة الغد، لكن الغد عورة لا يسترها الأمل!.
في لحظة يأس تجزم أن المجلات والصحف والكتب عالم من هراء.
والندوات أداة لخلق الأساطير.
تفكر بأي طريقة تنجو من عالم بنيته من هلام؟! تفكر بطريقة لا تستحوذ على ماتبقى من عمرك تخلصك من هذا الإرث؟!.
وكيف لك أن تخرج من عالمك دون أن تختلي بكل حرف من حروف الأبجدية لتعتذر منه، و لتودع فيه معان ومفردات شاركت في تكوينه، وساندتك، ثم تحرق كتبك وقصائدك ومعها كلامًا من شذراتك فائضًا عن حاجة البشرية_الموجوعة_ دون أن تستنجد بمروءتك وشجاعتك قصاصة لـ»غسان كنفاني» مكتوب فيها «المثقف أول من يقاوم وآخر من ينكسر»؟!.
البقاء للقوة والثقافة رهن الأقوى: الأبراج العاجية ماعادت كما كانت، وما لسكانها ماكان لهم.. الانطواء اليوم فرض عين طالما أن للشارع أسلوبًا عليك أن تتبعه لتكون على مايرام، وأحمد الله فما بمقدور كائن من كان أن يمتلك حقك في عقلك، فعش مهزومًا فأبطال هذا الزمان ينتصرون بالخسارة.
ماتتركه الثقافة التي خذلتنا من انكسار في عمقنا الذاتي يخوّل الوجع لفرض سيطرته على انفعالاتنا لهذا
الانسحاب من المشهد الثقافي قد يكون الدافع لإعادة التفكير، والانحناء للعاصفة قد يكون من الحكمة في التدبير، ولعل الخير في هذا، فالذات المثقفة بحاجة للانكباب على نفسها بعد كل انكسار والانعزال للقراءة لتصحيح المفاهيم، ولضخ المزيد من الوعي والتنوير. فالثقافة مهما ارتفع الإنسان ليلمسها بعدت أكثر وعليه أن يتبعها، وبهذا تتمايز القوى وتتضح الرؤى. أما ما تتركه الثقافة من جروح غائرة فلابد أن يستثمر لصالح التنوير.