د. منى بنت عواد الخطابي
المتابع لوسائل التواصل الأجنبية باختلاف أنواعها (مقروءة، أو مسموعة، أو مرئية) سيجد أن هناك حملة مستمرة، ومزعجة؛ لتشويه صورة المملكة العربية السعودية من خلال تضخيم بعض الأخبار، وإخراجها من سياقها، والتركيز على حوادث فردية، وإبرازها بطريقة توحي للمتلقي بأنها العُرف السائد في بلادنا. وهذا الأمر ليس بجديد؛ فقد اعتدنا منهم هذا النهج منذ سنوات، ولكن اللافت مؤخرًا أن أغلب المواد التي تقدَّم من قِبلهم مأخوذة من وسوم، تم تداولها من خلال حسابات سعودية في تويتر بشكل كبير، حتى وصلت إلى الترند.
حقيقة، يجب أن نشير إلى ثلاث حقائق مهمة جدًّا:
أولاً: حسب الدراسات الدورية الصادرة عن «GlobalWebIndex»، فإن السعوديين سجَّلوا أعلى نسبة نمو عالميَّا من حيث عدد مستخدمي موقع تويتر على شبكة الإنترنت، وأن السوق السعودية هي الأكثر نموًّا على موقع تويتر، وأن السعوديين أكثر مَن يملكون حسابات نشطة على الموقع نسبة لعدد مستخدمي الإنترنت بها. ويجب أن نعي أننا فعليًّا نملك تأثيرًا كبيرًا عالميًّا من خلال استخدامنا تويتر، وأن صوتنا يصل للعالم أجمع بسرعة فائقة.
ثانيًا: أغلب الوسوم المغرضة والمحرضة التي تنشر الإشاعات والأخبار الكاذبة هي لأشخاص مدسوسين؛ لتحقيق أجندات، كلنا نعرفها.
ثالثًا: يجب الإشارة إلى نتائج الدراسة التي أشرف عليها الباحثون في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا (MIT)، وتم نشرها في مجلة «ساينس»، والتي تؤكد أن المحتويات الزائفة في تويتر لديها فرص انتشار بنسبة تتجاوز 70 في المئة مقارنة بالحقيقية. ومن بين العوامل المساعدة على ذلك: الانتشار الواسع بإعادة إرسالها من قِبل مستخدمي تويتر.
بمعرفة هذه الحقائق نجد أن دورنا نحن المستخدمين مهم جدًّا في وقف نشر الإشاعات والأخبار المسيئة لبلادنا ومجتمعنا، والوقوف في وجه من أراد بنا سوءًا، من خلال الوعي، وعدم المشاركة في أي وسم مغرض، أو تافه، أو كاذب، حتى وإن كان هدفنا الدفاع، أو التوضيح؛ فمجرد المشاركة مساهمة منا برفع هذه الأخبار، وإيصالها إلى الترند، ونشرها.
فرفقًا بأبنائنا، وبالجيل القادم من الشباب؛ فيكفي ما يرونه من سواد يحيط بنا في العالمَيْن العربي والإسلامي. ولنحاول إظهار جمالنا الداخلي النابع من ديننا السمح، ولنسلط الضوء على الإيجابيات، والفرص المتاحة لهم، وخصوصًا مع ما نشهده اليوم في بلادنا من تسارع في التنمية والتغيرات الجذرية في المجالات الاقتصادية والثقافية؛ فالمستقبل واعد، ومشرق؛ ويحتاج إلى أن نعمل، ونؤمن بأن القادم أفضل.
ولنتوقف عن بناء جيل تلفه السلبية، ولا يجيد إلا تتبُّع الزلات والأخطاء والانتقاد، دون عمل حقيقي منتج؛ فالاستمرار في تغذية هذه الوسوم حتى وإن كان بحُسن نية سيكون أثره مدمرًا على أبنائنا ومجتمعنا، ونكون قد رددنا جميل بلادنا بالنكران والجحود دون قصد، فضلاً عن المساهمة في تغذية وسائل الإعلام الحاقدة بما يتشوقون للحصول عليه على طبق من ذهب.
نعم، هناك أخطاء وسلبيات وتحديات، وهي ليست بالقليلة، لكن الفرص الواعدة أكبر، ويجب العمل على التصحيح والإصلاح في بيوتنا ومدارسنا بداية من أنفسنا وأبنائنا، بدلاً من التراشق والتأجيج في وسائل التواصل الاجتماعي. ولنتوقف عن النقاش العقيم في وسائل التواصل الاجتماعي، والجدال بلا نتيجة، ولنُسهم في إيقاف كل ما يسيء إلينا، ولنعمل على نشر الجمال والإيجابية، وليجمعنا حب مملكتنا الغالية، ونشر جمالها للعالم؛ فكل سعودي يستخدم وسائل التواصل الاجتماعي هو سفير لبلادنا، وصوته يُسمع في أقاصي الأرض؛ فلنجعل هذا التأثير سلاحًا لنا بدلاً من أن يكون معول هدم.