«الجزيرة» - خاص:
تستأثر البنية التحتية بنصيب الأسد من مجموع المشاريع في مختلف الدول، لأنها تعتبر الأرضية الصلبة لكل ما يبنى في تلك الدول لصناعة حاضرها والتخطيط لمستقبلها. ويشمل تصنيف البنية التحتية كل المنشآت والخدمات والتجهيزات الأساسية التي يحتاجها المجتمع في تفاصيل حياته اليومية المعيشة من صحة ومياه وخدمات أساسية، بالإضافة إلى الطرق والجسور وخطوط السكك الحديدية والمطارات والموانئ وشبكات الكهرباء ومحطات الوقود وشبكات خطوط الهاتف والإنترنت. ونظراً لأهمية التصنيف الدولي لمعايير كفاءة البنية التحتية فقد حرصت معظم الدول على بنيتها التحتية، وأطلقت العديد من المشاريع من خلال الاستثمارات الوطنية إلى جانب جذب الاستثمارات الأجنبية. ويعد ترتيب الدول على خارطة كفاءة البنية التحتية العالمية مؤشراً مهماً في معيار التنافسية الذي يقود بوصلة الاستثمار العالمي إلى هذه الدولة أو تلك.
إلى ذلك تأتي المملكة العربية السعودية في طليعة دول المنطقة والإقليم، كما تحتل موقعاً متقدماً على المستوى العالمي في ما يتصل بتنافسية وكفاءة بنيتها التحتية على الرغم من مساحتها الشاسعة وارتفاع عدد السكان والمقيمين فيها قياساً ببعض الدول الأخرى. وقد شهدت المملكة خلال العقود الماضية قفزات تنموية وعدداً هائلاً من المشاريع في قطاعات البنية التحتية. كما أنها تستعد لمزيد من المشاريع العملاقة من خلال جذب الاستثمارات الأجنبية، بالإضافة إلى إشراك القطاع الخاص وتحفيزه لفعيل دوره الوطني في برامج التحول الوطني ورؤية المملكة 2030.
وفي ذات السياق استبشر القطاع الخاص مطلع هذا العام بصدور الأمر السامي الكريم من مقام خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود - حفظه الله - والقاضي بحصر جميع مستحقات الموردين والمتعهدين والمقاولين المتأخرة لدى الجهات الحكومية ووضع حلول عاجلة لإنهائها. حيث جاء ذلك بناءً على ما رفعه صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع ورئيس مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية - حفظه الله - وهو ما يؤكد رؤيته نحو أهمية دور القطاع الخاص بوصفه شريكاً أساسياً في تحقيق التنمية الاقتصادية التي تشهدها المملكة.
وأكد القرار العمل على إيجاد آليات فاعلة تضمن عدم تأخر صرف استحقاقات المتعاقدين مع الجهات الحكومية. ومواصلة تيسير وتسهيل الإجراءات الحكومية للقطاع الخاص وتمكينه وتحفيزه تحقيقاً لرؤية المملكة 2030، ومعالجة المعوقات والتحديات التي تواجهه للوصول بالمملكة لموقع تجاري واستثماري ريادي في بيئة محفزة.
كما تضمن الأمر السامي الكريم تشكيل لجنة من عدة جهات حكومية يرأسها معالي وزير التجارة والاستثمار تتولى حصر جميع مستحقات الموردين والمتعهدين والمقاولين المتأخرة وتصنيفها بما يمكن من معرفة أسباب التأخر في صرفها، بالإضافة إلى التحقق من الممارسات التي لا تتفق مع القواعد المنظمة للصرف كتأخر بعض الجهات في رفع المستندات اللازمة للصرف إلى وزارة المالية والتنسيق في هذا الشأن مع رئيس مجلس الغرف السعودية.
وتقوم اللجنة بوضع الحلول المناسبة لسداد المستحقات بصورة عاجلة، وتضع الآليات التي تكفل عدم تكرار تأخير صرف المستحقات مستقبلاً.
وترجمة للأمر السامي الكريم فقد شرعت بعض الجهات المعنية بتفعيل الإجراءات التي تكفل تطبيقه وتنفيذ التوجيهات والتوصيات الواردة فيه. فتمت مخاطبة الغرف التجارية من قبل مجلس الغرف السعودية معرباً لها عن استشعار خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز - حفظه الله - لمطالب القطاع الخاص كشريك فاعل في التنمية لتحقيق رؤية المملكة 2030، وطالبها بإحاطة المنشآت التي تقع في نطاق عملها لتقديم مطالباتها المالية لدى الجهات الحكومية، ومبدياً استعداده لمساعدة تلك المنشآت التجارية في حال وجود أي صعوبات تواجهها من خلال التنسيق مع الجهات المعنية. ومن جانبها قامت وزارة المالية بإعادة فتح البوابة الإلكترونية التي تعنى بحصر المطالبات المالية عبر منصة (اعتماد)، وحضت المنشآت والشركات ذات الصلة بمضمون الأمر السامي على رفع مطالباتهم وتحديث بياناتهم.
وفي غضون ذلك ثمن عدد من رجال الأعمال وشركات ومؤسسات القطاع الخاص بوادر تطبيق الأمر السامي منوهين ببدء تلمس تيسير وتسهيل الإجراءات الحكومية للقطاع الخاص ما انعكس إيجاباً على تحقيق نسبة عالية من سداد المستحقات المتأخرة. لافتين إلى أن سداد المستحقات وإعادة ضخها في السوق سيسهمان في تسريع النمو في قطاعات المقاولات والتوريد والقطاعات المرتبطة بها، كما أنها تشكل حافزاً قوياً لاستمرار القطاع الخاص بتأدية دوره الوطني في تنفيذ المشاريع الكبرى والتغلب على جوانب التعثر في بعض المشاريع، ومواكبة تطلعات القيادة لدور القطاع الخاص في برامج التحول الوطني ورؤية المملكة 2030.