«الجزيرة» - خاص:
أهم عنصر حيوي يعطي للرؤية مكانتها ويعطيها قوة واستباقا للمستقبل أنها جاءت في مرحلة بدأت تتضح فيها مرحلة النفط الرخيص، لذلك، فإنه في اعتقاد وحدة أبحاث الجزيرة أن رؤية 2030 لا تمثل خيارا أو تفضيلا للمملكة، ولكنها تمثل وضعا اتضح الآن أنه كان لابد منه في ظل استقرار أسعار النفط عند مستويات ليست مرتفعة. وبالتالي فإن رؤية 2030 تقلل من حجم المخاطر التي يتعرض لها الاقتصاد السعودي في ضوء هذا النفط الرخيص، وخاصة في ظل الاعتماد المكثف على إيراداته كمصدر حيوي ورئيس للإيرادات الحكومية في الموازنة العامة التي لطالما نعلم أنها المحرك الرئيسي لدورة النشاط الاقتصادي. لذلك، فإن الرؤية هي استباق لوضع بات واضحا أو ربما يصبح واضحا في المستقبل وهو مرحلة النفط الرخيص.
وتنبع أهمية رؤية 2030 للمملكة في أنها أتت في خضم فترة كان يعاني فيها الاقتصاد العالمي ككل من حالة ركود اقتصادي يمكن وصفه «بالركود الحاد».. لذلك، فهي وصفة لحزمة سياسات لمستقبل المملكة كما أنها وصفة اقتصادية مركزة للخروج من وضع اقتصادي غير مناسب للاقتصاد السعودي.
وتأتي أهمية هذه الرؤية ليس على المستوى المحلي للمملكة، ولكن تنال أهمية عظمى على المستوى العالمي لأنه الاقتصاد السعودي بات قطبا رئيسيا ضمن أقطاب الاقتصاديات الكبرى بانضمامه إلى مجموعة العشرين الاقتصادية. وتتضح أهمية هذه الرؤية على المستوى العالمي باحتوائها على محور ضمن المحاور الثلاثة الرئيسية وهو محور «اقتصاد مزدهر تنافسيته جاذبة»، وهو محور تأثيراته الرئيسية تتعلق بالاقتصاد العالمي ومن المتوقع أن تسعى استراتيجياته وسياساته للتأثير على معادلات التنافسية في السوق العالمي. وإذا شئنا وضعنا هدفا آخر يمكن قراءته من بين السطور لرؤية 2030 وهو هدف «ترقي موضعة الاقتصاد السعودي من اقتصاد ضمن مجموعة العشرين إلى اقتصاد ضمن مجموعة العشرة الكبار»_لأننا عندما نتكلم عن التنافسية والاستثمار الأجنبي، بل عندما نتكلم عن صندوق سيادي عالمي، فإننا لا ننظر إلى البقاء ضمن مجموعة العشرين، ولكننا نتطلع إلى الترقي لمرتبة أعلى، وهي ضمان موضع ضمن المجموعة الأعلى وهي مجموعة العشرة الكبار.
اقتصاد مزدهر تنافسيته جاذبة
رؤية 2030 : «إن الانفتاح على التجارة والأعمال سيمكننا من النمو والمنافسة مع الاقتصادات المتقدّمة، وسيساعدنا على زيادة إنتاجيتنا. سنعمل على تحسين بيئة الأعمال، وإعادة هيكلة المدن الاقتصادية، وتأسيس مناطق خاصّة، وتحرير سوق الطاقة بما يسهم في رفع تنافسيته».
مرتكز التنافسية في الرؤية «التحرر من المورد النفطي الأوحد»:
تضمنت الرؤية ثلاثة أهداف استراتيجية لتحقيق التنمية المستدامة:
1. مجتمع حيوي
2. اقتصاد مزدهر
3. وطن طموح
فالرؤية ليس فيها انحسار في تنمية اقتصادية، ولكن تركيزاً على رؤية تنموية مستديمة وبعيدة المدى بعيداً عن المورد النفطي الواحد، حيث لم يرد في الأهداف الرئيسة أي ذكر للنفط أو للإيرادات النفطية أو للناتج النفطي، بل على النقيض جاء التركيز على الإيرادات غير النفطية والناتج غير النفطي والصادرات غير النفطية.
وتقوم الرؤية الجديدة على أربعة موارد رئيسة للتميز النسبي والتنافسي للمملكة لم يكن من بينها النفط، وهي على النحو التالي:
موارد الطاقة.. الذهب والفوسفات واليورانيوم.
موارد اقتصادية.. خامات تعدينية وسياحة وتصنيع وقطاع تجزئة رائد.
موارد بشرية.. ثلثا المملكة من الشباب.
موارد بيئية.. الموقع الجغرافي الاستراتيجي انطلاقة لمنصة لوجستية.
استراتيجيات الانفلات من المورد النفطي الأوحد:
تستهدف الرؤية أهدافا اقتصادية جديرة بالاهتمام لتحررها بالكامل من الموارد النفطية:
1. رفع مساهمة القطاع الخاص في الناتج المحلي الإجمالي إلى 65%.
2. رفع نسبة الصادرات غير النفطية من 16% إلى 50% من إجمالي الناتج المحلي غير النفطي.
3. زيادة الإيرادات الحكومية غير النفطية من 163 مليار ريال إلى تريليون ريال.
4. رفع مساهمة المنشآت الصغيرة والمتوسطة من 20% إلى 35% من إجمالي الناتج المحلي.
5. رفع ترتيب المملكة في مؤشر أداء الخدمات اللوجستية من المرتبة 49 إلى 25 عالميا.
6. رفع نسبة الاستثمارات الأجنبية المباشرة من إجمالي الناتج المحلي من 3.8% إلى المعدل العالمي 5.7%.
7. رفع قيمة أصول صندوق الاستثمارات العامة من 600 مليار إلى ما يزيد على 7 تريليونات ريال.
8. رفع نسبة المحتوى المحلي في قطاع النفط والغاز من 40% إلى 75.%
9. رفع نسبة التمويل المخصصة لتلك الشركات من 5% فقط حالياً إلى 20%.
10. رفع مساهمة القطاع غير الربحي في إجمالي الناتج المحلي من أقل من 1% إلى 5%، ورفع نسبة مدخرات الأسر من إجمالي دخلها من 6% إلى 10%.
استراتيجيات وسياسات الرؤية لبناء «اقتصاد مزدهر تنافسيته جاذبة»
السياسة الأولى :
«نحسن بيئة الأعمال»
سنزيد الشراكة بين القطاعين العام والخاص، وسنواصل تسهيل تدفق استثمارات القطاع الخاص ونرفع مستوى التنافسية، وسنهيئ القدرات اللازمة لرفع مستوى الخدمات المقدّمة، وسننسّق مع السلطات التشريعية لتعديل الأنظمة ذات العلاقة بتسهيل بيئة العمل ورفع كفاءة إنفاذ العقود.كما سنقوم باستثمار الأصول العقارية المملوكة للدولة في مواقع استراتيجية، ونخصص المواقع الحيوية في المدن للمنشآت التعليمية والأسواق والمراكز الترفيهية، وسنخصص مساحات كبيرة على شواطئنا للمشروعات السياحية، وسنخصص الأراضي المناسبة للمشروعات الصناعية. وسنمكّن البنوك وغيرها من المؤسسات من مواءمة منتجاتها المالية لتتناسب مع احتياجات كل قطاع، والتي تتراوح بين المنتجات المالية المخصصة للمشروعات الضخمة، والدعم الملائم لاحتياجات الأعمال الصغيرة، وغيرها من المنتجات. وسنسهّل ونسرّع عملية منح التراخيص لأصحاب الأعمال، وسيكون الأثر التنموي للمشروعات هو المرجعية والأساس في ذلك. وسنشدّد على تطبيق المعايير العالمية المتّبعة قانونياً وتجارياً، وسنهيئ بيئة مشجعة للاستثمار على المدى الطويل. كما سنسهل حركة الأفراد والبضائع، بما يجعل التنقل والإقامة أكثر سهولة ويسراً، وسنسهل إجراءات الجمارك في المنافذ كافّة لتحقيق هذا الهدف. ونتيجة لكل ذلك، سيتحقق هدفنا المتمثّل في إيجاد بيئة جاذبة للمستثمرين المحليين والدوليين على حد سواء، وتعزيز ثقتهم باقتصادنا.
السياسة الثانية:
نعيد تأهيل المدن الاقتصادية
ندرك أن المدن الاقتصادية التي تم الإعلان عنها خلال العقد الماضي لم تحقق المرجو منها، وقد توقف العمل في عدد منها، وتواجه أغلبها تحديات حقيقية تهدد استمراريتها. وعملنا على إعادة هيكلة مدينة جازان الاقتصادية لتحقيق قيمة مضافة للاقتصاد عبر التعاون مع شركة أرامكو. وسنسعى لإنقاذ بعض المدن الاقتصادية الأخرى التي تمتلك المقوّمات اللازمة، عبر السعي للعمل مع الشركات المالكة لهذه المدن على إصلاح وضعها، ونقل بعض المنشآت الحيوية إليها، وسيعتمد ذلك على مدى جاهزية تلك الشركات للتعاون مع الحكومة. ونهدف إلى أن تتمكّن هذه المدن من الإسهام في دفع عجلة التنمية الاقتصادية وجذب الاستثمارات النوعية والكفاءات والمواهب الوطنية والعالمية حسب أولوياتنا الوطنية.
السياسة الثالثة:
نؤسس مناطق خاصة
سنبدأ بتأسيس مناطق خاصّة في مواقع منافسة وذات مقوّمات استثنائية، وسنعتمد على المزايا التنافسيّة لكل منطقة للنظر في جدوى تأسيس مناطق خاصة لقطاعات واعدة، ومنها المناطق اللوجستية والسياحية والصناعية والماليّة وغيرها من أولوياتنا. وستتمتّع هذه المناطق بأنظمة ولوائح تجارية خاصة، وسيكون من شأن ذلك تعزيز الاستثمارات النوعيّة.
السياسة الرابعة:
نرفع تنافسية قطاع الطاقة
سنتوجه إلى رفع كفاءة منظومة الدعم الحكومي عبر تعظيم الاستفادة منه بإعادة توجيهه لمستحقيه من المواطنين والقطاعات الاقتصادية. فنحن ندرك، على سبيل المثال، أن توفر الدعم دون معايير واضحة للاستحقاق من أهم الأسباب التي حدّت من تنافسية قطاع الطاقة، وعليه فإن اعتماد أسعار السوق ستشجع شركات الخدمات الأساسية على زيادة إنتاجيتها وتنافسيتها وتنويع مزيج الطاقة في المملكة العربية السعودية على المدى الطويل، لذلك سنقوم بتحديد معايير واضحة للدعم، مبنية على نضج القطاعات الاقتصادية وقدرتها على المنافسة محلياً ودولياً وحاجتها الفعلية إلى الدعم، دون التأثير سلباً على القطاعات الواعدة والاستراتيجية.
التزامات رؤية 2030
1. إعادة هيكلة مركز
الملك عبد الله المالي:
بدأ العمل على بناء مركز الملك عبدالله المالي في الرياض في العقد الماضي، دون مراعاة الجدوى الاقتصادية، حيث كان من المخطط له تطوير الأراضي وبيعها لمستثمرين في قطاعي المال والأعمال، إلا أن هذا المنهج لم ينجح وقررت الدولة في حينه أن تأخذ على عاتقها بناء المركز ومن ثم تأجيره. كما أن البدء في بناء المركز وتسليمه على مرحلة واحدة سبب ارتفاعاً كبيراً في التكلفة الفعلية للإنشاء، والتأخر في اكتمال التنفيذ، وسينتج عنه معروض مكتبي كبير يفوق الحاجة الفعلية لمدينة الرياض للسنوات العشر القادمة، ومن المتوقع أن يؤدي ذلك إلى استحالة تأجير المساحات المبنية والتي وصلت إلى (3) ملايين متر مربع بأسعار مقبولة، أو حتى الوصول إلى نسبة إشغال معقولة تحقق عوائد مجدية.
وعليه، فقد قمنا بمراجعة الجدوى الاقتصادية للمركز؛ ما تطلّب إعادة صياغة استراتيجيته بغرض تعزيز فرص نجاحه، حيث سنعمل على تحويل المركز إلى منطقة خاصة ذات لوائح وإجراءات تنافسية، ومن ذلك أن يكون منطقة مستثناة من تأشيرات الدخول ومربوطة بصالة الوصول في مطار الملك خالد الدولي مباشرة عن طريق قطار. كما سنعمل على إعادة ترتيب وتوزيع المساحات في المركز لزيادة النسب المخصصة للسكن والمناطق الخدمية مقابل المكاتب، وزيادة عدد الفنادق والتي تحتاج إليها مدينة الرياض بشكل عام والمركز بشكل خاص، وسنعمل على خلق بيئة متكاملة ومناسبة وجاذبة للعيش والعمل في المركز. وسيكون المركز مقراً لصندوق الاستثمارات العامّة، أكبر صندوق سيادي في العالم، ما سيجعل منه بيئة جاذبة لكبريات الشركات الماليّة والاستثمارية وغيرها.
2. قطاع تجزئة متطور:
حقق قطاع التجزئة نمواً بأكثر من (?0%) سنوياً خلال العقد الماضي ويعمل به حالياً ما يقارب (1,5) مليون عامل، منهم (300) ألف سعودي. ولكن ما زالت تجارة سوق التجزئة التقليدية تسيطر على القطاع بنسبة (50%) في المملكة مقابل (?0%) في عدد من دول مجلس التعاون الخليجي، حيث تتسم سوق التجزئة لدينا بمحدودية التجارة الحديثة والإلكترونية فيها. ونهدف - بحلول عام (1442هـ – 2020م) - إلى إضافة مليون فرصة عمل للمواطنين في قطاع تجزئة حديث تشارك فيه مجموعة من العلامات التجارية العصرية المحلية والإقليمية والعالمية. كما نهدف بحلول (1442هـ – 2020م)، إلى رفع نسبة التجارة الحديثة في سوق التجزئة إلى (80%) من خلال جذب تجار التجزئة الإقليميين والدوليين، وتخفيف القيود المتعلقة بالملكية والاستثمار الأجنبي. ولبلوغ هذه الغاية، سنقوم بتسهيل حركة البضائع محلياً وإقليمياً، ونطوّر اللوائح المنظمة للقطاع، كما سنسهّل حصول منشآت التجزئة صغيرة الحجم على التمويل بما يحفزها على التطوّر والنمو.
3. تنمية البنية التحتية الرقمية:
تعتبر البنية التحتية الرقمية مُمكّناً أساسياً لبناء أنشطة صناعية متطورة، ولجذب المستثمرين، ولتحسين تنافسية الاقتصاد الوطني، لذلك سنعمل على تطوير البنية التحتية الخاصة بـالاتصالات وتقنية المعلومات وبخاصة تقنيات النطاق العريض عالي السرعة لزيادة نسبة التغطية في المدن وخارجها وتحسين جودة الاتصال، وسيكون ذلك من خلال الشراكة مع القطاع الخاص، ويتمثل هدفنا في الوصول إلى تغطية تتجاوز (90%) من المنازل في المدن ذات الكثافة السكانية العالية و(66%) في المناطق الأخرى. ولتحقيق هذه الغاية، سنحفز الاستثمار في تقنيات النطاق العريض في المناطق ذات الكثافة السكانية العالية، وسنطوّر إطار شراكات جديدة مع القطاع الخاص، وسنضع معايير للبناء تسهل مد شبكة النطاق العريض.
كما سنعزز حوكمة التحول الرقمي عبر مجلس وطني يشرف على هذا المسار وسندعم هذا التحول على مستوى الحكومة أيضاً. وسنهيئ الآلية التنظيمية والدعم المناسب لبناء شراكة فاعلة مع مشغلي الاتصالات بهدف تطوير البنية التحتية التقنية، وسندعم نمو المستثمرين المحليين في قطاع الاتصالات وتقنية المعلومات.