{إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ}، ولا حول ولا قوة إلا بالله، أستهل بهما كلماتي عن رحيل رجل يحمل من الصفات المستترة والظاهرة الكثير والكثير. وحديثي هذا عن ذلك الرجل الراحل لا أرجو ممن يقرؤه إلا الدعاء له ولشقيقه بالرحمة والمغفرة.
الشيخ عبدالعزيز الثميري وشقيقه الشيخ إبراهيم الثميري رحلا عن هذه الدنيا الفانية، وكان بينهما (3) أيام فقط. فسبحانك يا رب، يا من اخترت لهما تلك الخيرة، وسبحانك يا من ألفت بين قلبيهما في الدنيا حباً وتقديراً وتفانياً لبعضهما، وسبحانك يا من كتبت لهما الجوار في مثواهما الأخير؛ إذ لا يفرق بين قبرَيْهما سوى مترَيْن فقط.
الشيخ إبراهيم الثميري -رحمه الله- رجل قضاء معروف، أفنى جل عمره في خدمة القضاء لمدة تقارب الأربعين عاماً حتى تقاعد عن العمل، ولم يتقاعد عن أفعال الخير والبر للقاصي والداني، إلى أن وافاه الأجل المحتوم بعد مرض ألمّ به. نسأل الله العلي القدير أن يجعل ما أصابه في الدنيا تكفيرًا وتمحيصًا.
الشيخ عبدالعزيز الثميري -رحمه الله- رجل عرفت عنه منذ نعومة أظفاري مجالسته مجموعة رجال، من ضمنهم والدي -رحمه الله- في التسعينيات الهجرية، وكان نعم الرجل المحبوب من الجميع خلقاً ورجولةً ولطف تعامل مع الصغار والكبار.. حتى أحبه الصغار قبل الكبار، وكان -حسبما علمت- يمازح الجميع، ويهدي الصغار الحلوى؛ ليدخل البهجة في نفوسهم، ويفرحهم حينذاك.
وزادت معرفتي بذاك الرجل الأشم حين كبرت، وتوطدت العلاقة معه شخصياً، ومع أبنائه الكرام الذين اكتسبوا من والدهم - رحمه الله - الصفات الحميدة. وكنت ألتقيه في المناسبات العائلية. وكم كنت أتمنى وجوده الدائم والجلوس بجواره للاستمتاع بحديثه الحكيم، ومداعباته اللطيفة دون التعرض غيبةً أو نميمةً لكائن من كان. وألتقيه أحياناً قبل تعرُّضه لوعكة صحية، ألزمته الفراش في المسجد المجاور لمنزله، وقد كنت أحرص على السلام عليه كل فترة وأخرى، وأستمع لحديثه الشيق دوماً، وحكمته في الحياة، وأستمتع بلقاء ذلك الوجه البشوش -رحمه الله-.
رحمك الله أبا محمد، وأسكنك فسيح جناته، وألهم حرمك الغالية أم محمد وأبناءك الكرام وبناتك العزيزات الصبر والسلوان. وعزاؤنا جميعاً فيك أنك رحلت محبوباً من الجميع، والأكف تُرفع دعاءً لك بالرحمة والمغفرة بإذنه تعالى.
وأختم كلامي {وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ. الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُواْ إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ}.
** **
- أحمد بن إبراهيم الزويهري