د. أبو أوس إبراهيم الشمسان
ليس غريبًا أن يقبل المسلمون في كل أرجاء الأرض إلى تعلم اللغة العربية فهي مفتاح معرفتهم بحق بكتاب دينهم وسنة نبيهم وبتراث معبر عنه، قابلت هنديًّا في رحلة سياحية إلى قرطبة وكان من بين ما تحدثنا به أن أظهر لي عزمه على المبيت هناك وقضاء عدّة أيام وليس هذا المدهش بل تعليله؛ إذ قال هذا تاريخي وتراثي.
وإن من المدهشات حقًّا أن يبلغ إعجاب مسلمي نيجيريا أن يتخذوا العربية لغة لإبداعهم الأدبي، وهذا أحد أبنائنا النجباء من نيجريا الأستاذ إبراهيم أديوالي عبدالسلام، طالب الدكتوراه يعدّ رسالة بعنوان (الرواية النيجيرية المكتوبة باللغة العربية – مقاربة المرجعيات) بإشراف: أ.د. حسين الواد، أحد أكبر أساتذة الأدب والنقد في العالم العربي، تعد الرسالة في جامعة الملك سعود، كلية الآداب، قسم اللغة العربية وآدابها.
ولا غرو أن يسأل من يطلع على عنوان الرسالة عن لغة الرواية: آلعربية هي؟ وكيف ولغة الرواية تخاطب الشعب في الأغلب الأعم؟ وهذا الروائي الكاتب أتراه يحسن العربية إحسانًا يؤهله للكتابة الإبداعية بها؟ وما الرسالة التي تحملها روايات بلغة عربية كتبها نيجيريون فيستفيد منها أهل نيجيريا؟
وليس من عجب فقد ألمّ مسلمو نيجيريا بتعلّم العربية؛ لأنها لغة القرآن، وهم أكثر سكان نيجيريا، ولم تكن اللغة العربية غريبة على المجتمع النيجيري، إذ ثمة ما لا يحصى من المدارس الثانوية العربية والكتاتيب، وأنشئت في أكثر من عشرين جامعة أقسام خاصة للغة العربية، وفي الكليات والمعاهد العالية. وأنشئت عام 1992م في (إنغالا) بمدينة (برنو) قرية للغة العربية معتمدة من الحكومة، وهي بيئة أكاديمية عربية محضة، يفد إليها الطلاب فيستقرون فيها ليتدربوا على اللغة العربية الفصيحة، ويزاولوا أنواعًا مختلفة من النشاطات التعليمية العربية. ووجدت بعض ألفاظ عربية طريقها إلى اللغات النيجيرية، كاللغة اليورباوية، ومن هذه الألفاظ:
الله (أَلَهُنْ olohun)، حَقيقَة (حَكيكَ akika)، النِّيّة (أَنِيَنْ (aniyan، الدُّعاء (أَدُءا adua)، السِّرّ (أَسِرِي asiri)، العافِية (الآفِئَا alaafia)، البَصَل (أَلُبَسَا alubosa)، خَرْبان (كَرَنْبانِ (karanbani، جَرَبَ (جَرَبَ jaraba)، دابَّة (دَبا daba).
وأفاد في ذلك أن كانت أكثر اللغات النيجيرية قديمًا تكتب بالحروف العربية، كاللغتين الهوساوية والفلانية ونحوهما، وما زال أثر من ذلك في العملة النيجيرية فترى إلى يومنا هذا الرسم العربي في (نَيْرَاNaira )؛ إذ تكتب فيها - إلى جانب اللغة الإنجليزية - اللغة الهوساوية بالحروف العربية، فكتبت في 100 نَيْرا (نَيْرَ طَرِي)، وفي 200 نيرا (نَيْرَ طَرِي بِيْو)، وفي 500 نيرا (نَيْرَ طَرِي بِيَرْ)، وفي 1000 نيرا (نَيْرَا دَبو).
ومن الأعمال الروائية النيجيرية المكتوبة باللغة العربية رواية (لماذا يكرهوننا؟) عام 2003م، لثالث مي أنغوا دُرُمِنْ إيا، ورواية (ادفع بالتي هي أحسن) عام 2004م، لجميل عبدالله الكنوي. وثلاث الروايات (خادم الوطن) 2008م، و(السيد الرئيس) عام 2010م، و(مأساة الحب) عام 2013م، لحامد إبراهيم الهجري. وروايتي (أهل التكرور) عام 2009م، و(راعي الغنم) عام 2009م، لآدم يحيى الفلاني. ورواية (رحلة الزهراء) عام 2012م، لمرتضى عبدالسلام الحقيقي. ورواية (في سبيل المجد) عام 2012م، لمرتضى الإمام أكوحييدي. ورواية (الرئيس الذي لم يحكم) عام 2015م، جامع أبيؤلا.
عشر الروايات هذه مثال للاحتفاء بالعربية، ولو لم يكن لهذه الكتابة قراء يتلقونها بالقبول ما تعددت كتابة الراوي ولما تكاثرت الروايات، وإنه لأمر يثلج الصدر ويسر الخاطر ويبهج النفس أن تجد العربية من يقبل عليها ويستعملها بحب، فليت قومي يعلمون.