الطبعة الرابعة من كتاب سيد رجال التاريخ محد صلى الله عليه وسلم صدر مؤخراً عن دار المنارة.. والكتاب يجمع مقالات كتبها علي الطنطاوي رحمه الله في سنوات.. ونشرت عبر عدد من المطبوعات ورتبها وجمعها حفيده أ. مجاهد مأمون في كتاب أنيق..
وجاء في المقدمة قول علي الطنطاوي: أنا أقرأ سيرة النبي صلى الله عليه وسلم من يوم كنت أتعلم في المدرسة الابتدائية.. ما انقطعت عن النظر في كتبها.
ويقول المؤلف: دأب جدي على الكتابة والتحدث عن النبي في أول كل سنة هجرية أو في يوم مولده صلى الله عليه وسلم.. واجتمع لديه الكثير فلما أخذت أوراق جدي التي تركها بعد وفاته عليه رحمة الله واشتغلت في فرزها وترتيبها اجتمع لدي مقالات تملأ كتاباً.
وأبرز ما جاء في الكتاب حديث الطنطاوي عن عظمة النبي محمد صلى الله عليه وسلم.. وقال:
محمد صلى الله عليه وسلم هو وحده الذي جمع العظمة من أطرافها. ومنا من أحد مثله فكل عظماء التاريخ يحرصون على كتمان نواح من حياتهم.. ومحمد صلى الله عليه وسلم أذن لأصحابه أن يذيعوا عنه كل ما يكون منه، فرووا كل ما رأوا من أحواله في ساعات الصفاء وفي ساعات الضعف البشري وهي ساعات الغضب والرغبة والانفعال، وروى نساؤه كل ما كان بينه وبينهن.
هاكم السيدة عائشة تعلن في حياته وبإذنه أوضاعه في بيته وأحواله مع أهله لأن فعله كله دين وشريعة، وليس هناك عظيماً آخر جرؤ أن يغامر فيقول للناس: هاكم سيرتي كلها وأفعالي جميعها فاطلعوا عليها وأرووها للصديق والعدو.
عظمة محمد صلى الله عليه وسلم كانت عالمية في مداها وكانت شاملة في موضوعاتها. وكان مؤمنا بما يدعو إليه.
كان يقوم الليل يصلي حتى تورمت قدماه ويستغفر الله دائماً فقيل له: ألم يغفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر؟
قال: «أفلا أكون عبداً شكورا؟؟
كانت سيرة حياته كلها معجزة عجز عظماء العالم جميعاص عن أن يتركوا لهم سيرة مثلها.. في كل ناحية منها عزة وعظمة.. في إقراره بالحق.. في صدق التبليغ عن الله حتى أنه بلغ الآيات التي نزلت في تخطئته وفي عتابه.
وفي احترامه العهود وحفاظه على كلمته مهما كلفته الحفاظ عليها من مشقة.
في ذوقه وحسه الرهف، وأنه هو الذي سن آداب الطعام وقرر قواعد النظافة، في وضعه مع أصحابه إذ يعلمهم ويعمل معهم، ويعيش مثلما يعيشون، ويستشيرهم ويسمع منهم ويجلس حيث يجد المكان الفارغ في آخر المجلس حتى كان القادم عليه لا يراه، ينظر في وجوه القوم فيقول أيكم محمد؟