يوسف المحيميد
في كثير من دول العالم تقوم الأرصاد الجوية بدورها بشكل كامل، وترسل بياناتها وتحذيراتها ليس للمواطنين فحسب، وإنما الجهات المسؤولة عن سلامتهم، من بينها المطارات الداخلية والدولية، فعلى سبيل المثال، لا يمكن أن تقلع طائرة في الولايات المتحدة من مدينة إلى مدينة داخل ولاياتها في حالة سوء الأحوال الجوية، ومن عاش هناك يعرف أنه في أيام العواصف والأجواء غير المأمونة تلغي المطارات رحلاتها، حتى يتكدس الناس فيها بشكل كبير، وقد يتضرر البعض لفقد فرصة عمل، أو ضياع موعد مستشفى، أو التخلف عن مناسبة مهمة، ولكن كل ذلك لا شيء مقابل سلامة الإنسان من احتمالات سقوط الطائرة والموت -لا سمح الله-.
تذكرت ذلك بعدما انتشر في مواقع التواصل الاجتماعي مقطع فيديو لصراخ ركاب في طائرة في رحلة من القصيم إلى الرياض، بعد أن حدثت مطبات هوائية عنيفة بسبب العاصفة الغبارية التي مرت في أجواء المملكة خلال اليومين السابقين، وكيف لم تُمارس هيئة الأرصاد، ولا هيئة الطيران المدني، ولا المطارات الدولية والإقليمية دورها في مثل هذه الظروف، بأن تلغي الرحلات حتى لو تضرر الناس من ذلك، فحياتهم ليس لها ثمن، والمحافظة عليها واجب إنساني قبل أن يكون واجبا وطنيا.
إن ممارسة هيئة الطيران المدني دورها، في تعليق الرحلات وإلغائها، يمثل أكثر أهمية من ممارسة وزارة التعليم دورها الذي تنشط فيه، بتعليق الدراسة في بعض المناطق التي تتعرض إلى تقلبات جوية قد تؤذي الطلاب في مراحل التعليم المختلفة، لأنها مسؤولة عن تأمين حياة الناس في المطارات، وفي تنقلاتهم الجوية، ولا يمثل إلغاء رحلة للمحافظة على حياة الناس أكثر ضرراً وإيذاء من رحلات تلغى بسبب عدم وجود الطائرة، أو خلل فني فيها، وغير ذلك من الأسباب التي لا تعادل في الأهمية احتمالات تعرض الطائرة للصواعق والعواصف الشديدة، ومن ثم سقوطها -لا سمح الله-، بسبب عدم تقدير الموقف، والتعامل بجدية مع الأحوال الجوية.