يعد الطريق الرئيسي الممتد من مركز الويد إلى نمرة هو الشريان الأساسي لبلاد العُرْضِيّات وهذا الطريق لو ألمحنا عنه تاريخياً فقد تجاوز الأربعين عاماً نفذته شركة (قراند لافوري) الإيطالية بداية من غرة عام 1397هـ حين كانت الانطلاقة من المظيلف باتجاه جنوب العُرْضِيّات في عام 1398هـ تمهيداً فقط وقبل السفلتة، ثم وضعت طبقة عالية من الأسفلت حتى ظن الناس أن المشروع قد اكتمل، وبعد بضعة أشهر قامت فمدت الأسفلت بهيئته اليوم وانتهى إنشاء الطريق على وجه التقريب في نهاية عام 1399هـ واستمرت الشركة بين عامين وثلاثة أعوام موجودة للصيانة والرصف ووضع الحمايات من السيول، أما التكلفة الإجمالية فقد تجاوزت نصف مليار ريال سعودي حينها، وكان مقر الشركة عبارة عن (كمباوند) خاص يقع في مدينة نمرة الحالية اليوم، وعندما غادرته الشركة الأوروبية المنفذة تركته مهملاً مهجوراً فأصبح أمام الأهالي مشرعاً أبوابه فدخلوه فدهشوا مما رأوه من تقنيات حديثة لم تكن متاحة في بلدان عربية متحضرة ناهيك عن تلك البلاد في ذلك الحين، ويشتمل هذا (الكامب) على المبنى السكني الرئيس والمباني الملحقة به كالمسبح والمولدات الكهربائية وشبكة المياه وخزانات الوقود وقنوات التصريف الخرسانية في باطن الأرض والمبنى الرئيس عبارة عن طابقين ذو بناء مسلح استمر قائماً حتى عام 1425هـ حين قامت البلدية بإزالته وأنشأت مكانه مخططاً سكنياً هو مخطط جنوب نمره السكني.
وعلى إثر إنشاء طريق العرضيات واجهت الشركة صعوبات عدة من أولاها البعد المكاني عن الأسواق وأعني الكبيرة والمعروفة منها، كون منطقة المشروع في ذلك الزمن متأخرة تنموياً ولا يتوافر بها أي من السلع الضرورية، فاضطرت الشركة إلى شق عقبة الأبناء وهو الطريق الواصل من نمرة في تهامة صعوداً إلى بلجرشي، ولأن الباحة المنطقة ومحافظة بلجرشي تتوافر بها أسواق عامرة وكبيرة لجلب المستلزمات المعيشية لعمال الشركة، وكنا قد التقينا في وقت لاحق أحد العاملين القدامى في الشركة واسمه إبراهيم صومالي الجنسية يبلغ من العمر 65 عاماً عمل بالشركة وحينذاك لم يزل شاباً والوظيفة : سائق، وحين طلبنا منه ما يعرفه من معلومات عن هذا المشروع والشركة المنفذة، يقول التحقت بالعمل معهم في شهر أبريل من سنة 1977م في بداية العمل في الطريق من المظيلف واستغرقت أربعة أعوام حتى سنة 1981م، وحين وصولها إلى نمرة بنت الـ(كمب) بعد ذلك حدث خلاف بيني وبين الشركة بسبب مستحقاتي المتأخرة فنقلت كفالتي منها إلى أحد أقارب سليمان بن جمهور ثم إني تتبعت أخبار تلك الشركة فوجدتها أنهت عملها وانتقلت للعمل في العراق، بعدها انقطعت أخبارها ولم أعد أسمع شيئاً عنها.
وبالحديث عن شبكة الطرق البرية في العُرْضِيّات، أود أن أقول أن مشروعاً قائماً الآن جاء على إثر الشكاوى وكثرة الحوادث المرورية والوفيات على طريق العُرْضِيّات ذي المسار الواحد، والمشروع هو الطريق المزدوج الموازي والمحاذي لطريق العُرْضِيّات، ومما يؤسف له تعثره منذ البدء فيه حيث توقف أكثر مما أستأنف العمل به، ولاحظت حين مروري هناك أن الشركات المنفذة عندما وصلت في السفلتة والترميم إلى المواقع التجارية السكنية التي بها ازدواجية للطريق كنمره والمعقص وسبت شمران تستبدل الأسفلت القديم ذي الجودة العالية الصامد منذ أربعة عقود قلت تستبدله بإسفلت أقل جودة، سرعان ما يتهالك ويتلف فتضطر لإعادة إنشائه عدداً من المرات، لأن تنفيذها له في بادئ الأمر كان خطئاً، وعندما قمت وبعض الأصدقاء بإحصاء الكيلومترات التي استبدلت مؤخراً وجدناها تشكل أكثر من ربع الطريق، وهذا الشارع الموازي في بادئ الأمر جرى العمل فيه ببطء شديد أما الآن فهو متوقفاً، والأعذار كثيرة أولاها أن الشركات المنفذة تزعم عدم استلام مستخلصاتها وعطاءاتها من الوزارة.
هذا ما تيسر لنا إيراده حول تاريخ طريق العرضيات المسفلت وتهيأ لنا إعداده وأعاننا الله على كتابته والحمد لله رب العالمين.
** **
- عبدالهادي بن مجنِّي
bnmgni@hotmail.com