بدر بن عمر العبداللطيف
داخل البيت الأبيض، وعلى السجادة الحمراء للمملكة المتحدة وفرنسا ومملكة إسبانيا، كانت الفترة القصيرة الماضية من أهم مكونات الزمن التاريخية؛ فبالأمس القريب كان هناك من يصنع زمنًا سعوديًّا حقيقيًّا، وغير قابل للاختصار ولا للتوقف عند أي نقطة على خط المستقبل القادم.
كان هناك من يستكمل تأسيس الجوانب التي تخص السعودية، ليس فقط على صعيد الدفاع والتعاون العسكري المشترك على اعتبار أن تلك الأيام كانت تمر في ضيافة أربع قوات عظمى كما يتبادر لذهن المتابع التقليدي لما تريده دول الشرق الأوسط من القوة الغربية كما هي منذ أكثر من قرن.
المسار المكوكي الذي سلكه سمو ولي العهد كان ضابطًا لكل مراحله ومحطاته.. كانت الساعة في معصمه تنبض طموحًا، وتعلو شيئًا فشيئًا كلحن النشيد الوطني، وهو يراقب الثواني تسير مع الزمن السعودي وما يتطلبه لأن يكون الزمن متوشحًا بالأخضر، وكما يريد هو.
الشركاء الآن، وحسب ما تم إعلانه أثناء وبعد الجلوس على أكثر من طاولة، أصبحوا أكثر من حلفاء عسكريين. وما الاتفاقيات الضخمة في مجالات الطاقة، والنقل، والتقنية، والإعلام، والسياحة، والاستثمار في الموارد البشرية، إلى أن نصل إلى طاولة الترفيه وجلب كبار المستثمرين والمنظمات العملاقة لكل الروابط السابقة.. إلا لتكون الفائدة التي ستعود على الوطن (الطرف الأهم لدينا في هذه التحالفات) في أعلى معدلاتها.
ونحن نراقب المشهد، وما يتضمنه من رسائل واضحة وصريحة.. علينا أن نؤمن بأن السعودية هي من يراهن عليها كبار العالم في المنطقة، وهي القادرة على قيادة من يريد السلام إلى السلام.. ودون أن تلتفت للذين أكلت دواخلهم نظرة العالم نحوها حين يتعلق الحدث بالمنطقة ومصير شعوبها.
ومن بين كل الأهداف الاستراتيجية التي تضمنتها فترة الزيارات الأربع، وما وصلت إليه من اتفاقيات، يبرز الضوء الذي سيضيء الطريق للمستقبل، والشعلة التي ستدفع بالوطن للأعلى.
هذا الضوء الذي اتضح حرص سمو ولي العهد - حفظه الله - على أن يكون لافتًا عن بُعد.. كان ضوء الشاب السعودي الذي لا تكاد تخلو أي خطة واتفاقية مما سيعود عليه وعلى الإنسان داخله حين تلوح في عينيه راية الوطن.
التوطين، والتدريب، والإعداد العالمي شخصيًّا وتقنيًّا كان هاجسًا عظيمًا وواضحًا لسموه. وما شركتا أبل وجوجل وغيرهما إلا بداية التهيؤ لاستقبال جيل يعرف القيمة الحقيقية لوطنه.. وما عليه من مهام؛ ليرفع تلك القيمة أمام العالم وداخل أبنائه.
جلب رؤوس الأموال والاستثمارات الكبيرة، وخلق الفرصة لوضع الشباب كنسبة كبيرة من مساحة تلك الأعمال، وقريبًا من إجابة السؤال: كيف سيتحقق لبلدهم ولهم الهدف الذي لأجله اتُّخذت هذه الخطوة!؟
وهنا سيتمكن كل الذين يقفون داخل هذه الدائرة من مضاعفة الفرص للوطن وناتجه المحلي، والمواطن ومستواه المعيشي، ورائد الأعمال ونجاحاته. وكل ذلك سيكون الأرض الصلبة لوطن لا تهزه المتغيرات والأزمات لا قدر الله.
الواقع يقول إن أوجه تلك الأيام مشرقة تنفيذًا وتنبؤًا للمستقبل، وأهدافها أعمق من الكتابة عنها.. وإن تحدثنا عن جوانب فستأخذنا من الحديث عن جوانب أخرى.
وستتوالى الخطوات المتسارعة - بإذن الله - لنصل برؤيتنا السعودية لما نطمح إليه.. فهذا الأسبوع كانت هناك خطوة، وكان الحدث مشروعًا عملاقًا، سيحقق أهدافًا اقتصادية واجتماعية، قد لا تتحقق في بعض الدول لسنوات.
إضافة إلى مشاريع نيوم، والبحر الأحمر، جاء تدشين القدية، والثلاثة ستكون نماذج البداية لما ستكون عليه السعودية التي يحلم بها السعوديون.. ولا تتوانى قيادتهم عن الوصول بهم إلى أحلامهم، وحماية مستقبل أبنائهم تحت أي ظرف، وأمام أي أحد.
الذين لا يريدون الخير للسعودية عليهم أن يضبطوا ساعاتهم على المعصم السعودي، وإلا سيخفيهم الظلام.