د. حسن بن فهد الهويمل
من قوارع المنشقين على كياناتهم. تنكرهم لما تبذله [المملكة] لقضية الأمة العربية الكبرى. منذ أن كانت، وحتى تداعت على يد المتاجرين بها، والمرتزقين من ورائها. وآخر شواهد الدعم المتواصل تسمية القمة العربية بـ[قمة القدس] بقيادة [المملكة]، ورغبتها.
ومع ذلك لايجد الموتورون حرجاً من غمطها حقها، وتخوينها بالتلويح تارة، وبالتصريح تارات أخرى. لمجرد أنها منعت دعمها، ونوالها عن مخالب القط المجوسي.
[الأمة العربية] ستظل رهينة الضعف، والهوان والحزن مادام أمثال هؤلاء جادون في نقض غزلها من بعد قوة أنكاثا.
خطاب [المملكة] وسط ضجيج الخطابات يمثل الحِلْم، والأناة، وبعد النظر، واحتواء الآخر المناوئ، أو تحييده، وترك الأبواب مفتوحة لكل أوَّاب.
إنه خطاب التوقي، والاتقاء، والوفاق، والتعاون، والتعايش، والتصدي لكل من سعى في أنحاء وطننا العربي ليفسد في أرضه، ويفرق كلمته، ويشتت شمله، ويفرض الطائفية، أو العرقية، ويساعد على تصدير هوس [الملالي]. ويستعدي برعونته، وتَهوُّره جيوش العالم الغاشم، مثلما فعل غير واحد من الانقلابيين العسكريين.
ويكفي لكشف التآمر الذي يواطئه أذناب [الملالي] تهافت ست [دول أعجمية] على أرض [سوريا] العربية، على مسمع، ومرأى، وتأييد من أزلام [إيران].
[خالد مشعل] ومن هم على شاكلته، يبيعون قدراتهم البلاغية، والحزبية، ليكونوا أوراق ضغط، وأبواق افتراء.
لقد دَنَّسوا رداء [الدين]، وشككوا في كل من اتشح به صادقاً. وحَرَّفوا مفهوم [المقاومة]، وخوَّنوا من لم يوافقهم على مفهومهم الطائش، الأرعن.
[أمتنا العربية] مجموعة دول، لها سيادتها، وسياستها، ولها مصالحها، ولها عهودها، ومواثيقها، ومشاريعها: القومية، والإسلامية.
وليس من الممكن إلغاء شيء من محققات وجودها، ولا تغيير أنظمتها، وفرض خطاب حزبي، أو طائفي، أو عرقي عليها.
[الإخوان] وعلى مدى قرن، ماذا حققوا في وطنهم [مصر]، لكي يحققوا في عالمنا، ولعالمنا، مايَعِدون به، ويُمَنُّون؟
ومثلهم [حماس]. لقد انشقوا على حكوماتهم، فأضعفوها، وانضموا إلى الفرس المجوس، ومكنوا لهم. ومهما كانت المبررات فهم خوارج، خانوا عقيدتهم، وقوميتهم.
[العالم العربي] لن ينهض بسيطرة الأقلية، وإنما يستقر بالتنسيق بين أطيافه، والتعايش بين فئاته، وقبول التعددية في إطار الاعتراف بخصوصيات أقاليمه.
لكل حزب الحق في الوجود الكريم داخل وطنه، متى عرف حدوده.
الأحزاب، والطوائف، والمذاهب حين تستبق الهيمنة، وفرض المبادئ الخاصة بها، على من حولها، تزيد الارتكاس في وحل الفتنة.
وهذا ما تُغْرِي به [إيران] في خمس عواصم عربية: [صنعاء]، و[بغداد]، و[دمشق]، و[الدوحة]، و[بيروت]. وهذا ماتريده [الصهيونية] على مبدأ:- [فَرِّقْ تَسُدْ].
وكل هذه الخطيئات يباركها [مشعل]، و[الإخوان]، وهم يعلمون حجم الدماء، والدمار علم اليقين. إنهم عملاء: مواطئون، أو مغفلون.
خطاب [خالد مشعل] البلاغي لا يضر بـ[المملكة العربية السعودية] وحدها، كما يحلم الخليون، بل يضر بالأمة كلها، لأنه خطاب تضليل، واستدراج، ومخادعة، وهيمنة حزبية، متوسلاً بدعوى [الدين]، و[المقاومة].
خطاب يريد اختصار الأمة العربية في مشروع الحزب الإخواني، أو الطائفية المجوسية، أو المقاومة [الحمساوية].
لحزب [الإخوان] أن يطرح مشروعه سِلْمِيّاً داخل وطنه، بوصفه مكوناً سكانياً مصرياً.
ولـ[حماس] أن تطرح مشروعها داخل منظمة التحرير، لأنها مكون سكاني فلسطيني.
ولـ[حزب الله] أن يطرح مشروعه في [لبنان] لأنه مكون سكاني لبناني.
ومن حق الدول ذات الكيانات، والمكونات المتعددة أن تمنح مكوناتها السكانية مالهم من حقوق. متى لم يُشَكِّل وجود أي من هذه الكيانات خطراً على السيادة، واللحمة.
أما أن يلوذ أيُّ حزبٍ، أو طائفة بمن يستغله، لممارسة الضغط، والمساومة، ثم يرخي العنان لقلمه، ولسانه ويده، لتنفيذ [أجِنْدَةٍ] مضرة بأمته، وبدولته، فذلك الشر المستطير.
خطاب [مشعل] في الذكرى التسعينية لتأسيس [حزب الإخوان] متعوب عليه، وخطواته الأربع لم تكن من التداعيات العفوية. واستضافته مع الإخوان في [تركيا] له ما بعده.
داء الأمة العربية ارتهانها للصيحات النكرات:
- كانت [القومية] وكان الخونة، والعملاء من يتنكرون لها.
- وكانت [الاشتراكية] فكان الجهلة، الرجعيون المعارضين لها.
- وكان [البعث العربي] وكانت المقاصل، والسجون، والمنافي للمترددين بقبوله.
- وجاءت [الانقلابات] العسكرية، فدمرت كل شيءٍ أتت عليه. وجاءت معها الوعود الكاذبة، والعمالة المكشوفة.
- وجاء [الربيع العربي] كإعصار فيه نار، فقتل الكرامةَ، وأشاع الفوضَى، وخلط الأوراق. وجعل المواطن العربي طريدة منهكة لـ[الصفوية] الحاقدة، و[العثمانية] الحالمة.
وأصبح الأعاجم كلهم أجمعون يؤزون، ويستدرجون، ويمدون المغفلين بالمال، والسلاح، والحماية، والتأبيد، ليقتلوا الرجال، والنساء، والعلماء. ويهلكوا الحرث، ويهدموا البناء.
ولما تزل مشاهدنا مهيأة لاستقبال خطابات حماسية، تتقنع بالدين، وتُسَوِّغ نفسها بدعوى المقاومة، ولعن الشيطان الأكبر، ولما تزل الخلايا النائمة تبدي أعناقها ببلاهة معتقة.
وياليت النخب المتحزبين عرفوا أبجديات اللعب القذرة، واجتنبوا المتاجرة بمكتسبات أمتهم.
[خالد مشعل]، وفلول الإخْوان رضوا بأن يكونوا مع [الصفوية] بكل عنصريتها، وطائفيتها، ودمويتها.
ومن السفاهة، والتفاهة، والرعونة التعاطف مع كل ناعق، يتقنع بلباس التقوى المزور:- {لَّمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَن تَقُومَ فِيهِ}.
للمملكة مشروعها الإسلامي المطبق على الأرض. ولها مقاومتها للمغتصب على كل الجبهات.
ومن حقها مواجهة البغي، وحماية الوجود الكريم، لإنسانها، ولمشروعها الإسلامي، والقومي.
الطُّعْمُ الشهي الذي أتقن صُنْعَهُ [مشعل]، و[فلول الإخوان] وتهافت عليه الجهلة العاطفيون يتمثل بلافتتي: [الدين]. و[المقاومة]. ونحن أحق بهما، ولكننا لا نَضَعُ شيئاً منهما أحبولة للاقتناص، ولا لتكثير السواد.
واللافتتان يناقضهما عند أولئك العمل، وتخذلهما النوايا السيئة، والأطماع الحزبية، وموالاة [إيران] بوصفها دولة: مجوسية، فارسية. فهي تختلف معنا: قومية، وعقيدة.
وهي معنا في حالة حرب ضروس، مكشوفة النوايا، والأهداف. ومامن أرض سَلَّمتْ لها، إلا وَدَّعَتْ الكرامة، والأمن، والحرية، والاستقرار.
وموالاتها تنكر صريح للقومية، والعقيدة، والمقاومة الصحيحة.
أمتنا المطعونة بِمُدَى نخبها تعيش بين مطرقة [الصفوية] وسندان [العثمانية].
[الإسلام]، و[المقاومة] مطلبا كل مسلم سوي، ومن تخلى عن شيء منهما فقد أهلية الوجود الكريم. ولكن التبني يختلف عن الإدعاء. والتحرير، والتأصيل للمقتضيات، والمقاصد يختلفان عن الاهتياجات الفارغة، والإدعاءات العريضة.