يوسف المحيميد
في أواخر الخمسينات والستينات كان المثقفون العرب، والأنظمة العسكرية العربية، تصف السعودية بدولة التخلف والرجعية، وأنها سبب كل سوء، وسبب تأخر العرب ورجعيتهم، وأنها تمثل رمزًا للظلام والتخلف، وما أن جاءت مرحلة الثمانينات والتسعينات من القرن الماضي، حتى أصبحت برأيهم رمزًا للتشدد والتطرف والإرهاب، وأنها سبب البلاء في العالم كله، خاصة بأقلام العرب الذين يعملون في وكالات أنباء وصحف أجنبية، حيث كرَّسوا هذه الفكرة في مقالاتهم المفتعلة ضد بلادنا.
هل توقف الأمر عند ذلك؟ طبعا لا، فهذه البلاد التي تنمو وتتطور وتتقدم بشكل منتظم، ستبقى شغلهم الشاغل، فخلال هذه المرحلة التي تعيش فيها البلاد انفتاحا اقتصاديا واجتماعيا، تحولت هذه الأقلام، وبدأت تغازل التيارات الإسلامية، والفئات التقليدية، لتصف بلادنا كذبًا بالتفسخ والانحلال، في محاولة إيهام هذه التيارات، بأن البلاد تعيش انفلاتا أخلاقيا، وبدأت تستغل مواقع التواصل الاجتماعي في تعزيز هذه الفكرة والترويج لها!
يبقى السؤال المهم، لماذا تتجه بعض الأقلام إلى دولة بعينها، وتبقى في حالة ترصد لكل حركاتها وسكناتها، ولا تكتب إلا عن هذه الدولة تحديدًا، وتبحث عن كل فرصة للنيل منها، هل لأنها أقلام أجيرة لصالح جهات أو دول أخرى، أم لأنها تعتقد أن هذا الاستبسال في الهجوم والاتهام يمنحها فرصة التقرب والكسب كي تصمت، أو تتحول إلى تابع؟ وفي كلا الحالتين لا نرحب بأي منهما، فلا تقبل في هذه البلاد من يلاحقنا في كل صغيرة وكبيرة، ويشتمنا شعبًا وقيادة، وأيضًا في الوقت ذاته، لا نقبل من يداهننا ويتملق أمامنا، ويكيل المديح لنا بما ليس فينا، فنحن شعب طبيعي كبقية شعوب العالم المتطلعة للنمو والتطور، لدينا عيوبنا وميزاتنا، نشكر من ينظر نحو منجزنا وطموحنا بعين منصفة وعقلانية، ونسعد أكثر بمن يهدي إلينا عيوبنا، ويحلل أسباب عثراتنا بقلم صادق ومحب، أما ما عدا ذلك من ثرثرة وادِّعاء، فلن يحرك شيئًا، ولن يسمع لهم أحد، فهم كمن يغمز في الظلام، لا يراهم أحد، كما يقول المثل الحجازي المعروف.