أمل بنت فهد
لا أعلم، لا أدري، لا أملك معلومات كافية تخولني للإجابة، في ظني، أعتقد، رأيي وليس ملزماً لأحد، حسب معرفتي واطلاعي، جملٌ حين تقال فإنها تتوج صاحبها بالأدب، وتثبت تواضعه، وتحكي عن نزاهته، إنها من أعمق صفات العالم، والخبير، والعارف، وأي متحدث أياً كان فنه الذي يجيده، أو حديثه الذي يقوله، وفيها احترام مهيب لعقل المتلقي، وأمانة صريحة، لاستشعاره مسؤولية كبيرة تجاه الجمهور، حتى لو كان فرداً واحداً يستمع له.
لكن من أغرب وأعجب ما أفرزته الصحوة، العالم الشمولي، الذي يعرف كل شيء، وفي كل شيء يتحدث، ولديه جرأة ليقول أي شيء، صحيح أو خاطئ، في تخصصه أو في تخصص غيره، باختصار هو رجل (البكج) الكامل، متعدد المهام، والاستخدامات، عالم في كل العلوم، يستطيع أن يتحدث في الطب بكل تخصصاته، ويقحم فتواه فيها، يمكن أن يتحدث عن الفلك، يمكن أن يتحدث عن العلاقات الاجتماعية، والحالات النفسية، عن التربية، يمكن أن يتحدث عن التجارة، حتى السياسة، يمكن أن يجد له مدخلاً في كل مجال، لا يخجل، ولا يحرج، ولا يتورع!
وفي قترة وجيزة عجيبة، بات عددهم كبيراً جداً، ويتسابقون على تصدر المجالس، وصدقتهم الناس، لدرجة أنهم أصبحوا يسألونهم عن أصدق تفاصيل حياتهم، ومشاكلهم، ويبثونهم الشكوى لعلهم يجدون الهدى لحيرتهم!
ربما بعض متحدثي الصحوة كانت نواياهم حسنة، وكانوا يريدون خيراً، لكن خانتهم الطريقة، والأكيد أن هذه الهيمنة لم تبشر بخير، حين يعتقد الناس أن هناك مخلوقا شموليا يستطيع أن يجيب على كل شيء، ويصدقونه، ويتبعونه، فإنه يستطيع أن يقودهم للجهل والهلاك، وبالتالي يمكن خدمة أي أجندة كانت.
الصحوة عبارة عن عباءة التمكين، والتقدير، والتصديق، يلبسها أي أحد، لديه سمات معينة، لا شأن للعلم فيها، ولا للتخصص، ولا لمن تعبوا وسهروا واجتهدوا من أجل طلب العلم، متحدثو الصحوة يختلفون تماماً عن علمائنا الكبار، ليس فيهم وقارهم، ولا يملكون ربع علمهم، ولا أخلاقهم.
علماؤنا الكبار زرعوا الرحمة فيما بيننا، بينما متحدثو الصحوة نثروا جهلهم بيننا على أنه علم وحقيقة، أفشوا بين قلوب الناس الشك والريبة، عقولهم مسكونة بوهم المؤامرة، لأنهم جزء منها.
علماؤنا الكبار في مجالسهم خير الدنيا والآخرة، لا مكان لفتنة، ولا غيبة، ولا تحريض، قلوبهم مع الوطن والأمة الإسلامية، بينما متحدثو الصحوة كانوا دعاة حرب باسم الجهاد، ودعاة كراهية، ودعاة قسوة.
بصراحة فإن الصحوة من بذور جماعة الإخوان، خابت وخاب مسعاها.