سعد بن عبدالقادر القويعي
إلى جانب المؤسسات الأخرى في تعزيز قيم التسامح، والحوار، والوسطية، والاعتدال في المجتمع، فإن الإعلام يُعتبر شريكًا مهمًّا في عملية التنمية الشاملة؛ كونه عنوان مسيرة الوطن، وجزءًا لا يتجزأ من كينونته، وتراثه.. وهو ما أكده معالي الأستاذ سعود القحطاني المستشار بالديوان الملكي في تغريدة عبر حسابه على تويتر، عندما قال: «أتفهم أن يشاهدها البعض للتسلية، وأحترم خيارهم.. الإعلام رسالة، مثلاً: مسابقات برنامج تلفزيون واقع عن مخترعين سعوديين، وآخر عن شباب يتعلمون البرمجة.. نعمل في @SAFCSP على مبادرة بهذا الصدد، وعسى أن يقدر لها النجاح». وهو - في تقديري - يعتبر منهجًا رشيدًا في توعية الأجيال الشابة بقضايا أمتها، وواقعها المعاصر تحليلاً وتفنيدًا واستنتاجًا، وقراءات علمية له، توسع مجال الرؤية والروية، وخصوصًا بعد أن تفاخم هذا الدور نتيجة الطفرة التكنولوجية الهائلة، والتطور الذي نعيشه.
إن الناظر إلى الإعلام اليوم سيلحظ - مع كل أسف - إفراغ الساحة الإعلامية من مضمونها، ومسؤوليتها الهادفة؛ كونها ذات تأثير كبير في جماهير المتلقين المختلفين، المتباينين في اهتماماتهم وتوجهاتهم ومستوياتهم الفكرية والأكاديمية والاجتماعية، وهو مصداق لما عبر عنه معالي الأستاذ سعود القحطاني - أيضًا - عن: «كراهته لبرامج المسابقات الغنائية، وما شابهها». معتبرًا إياها: «مضيعة للوقت، وفائدتها صفر»؛ كونها تسطيحًا إعلاميًّا مشوهًا، يأخذنا نحو الانشغال بالأمور التافهة، والشكلية، ويلهينا عن قضايانا المهمة، والمصيرية، ولاسيما وقد ظهرت اختلالات فكرية، هي نقيضة تمامًا لكل الأسس المنطقية في موضوعات التنمية الوطنية.
في ظل الانتشار الكبير لوسائل الإعلام الرقمية، وتأثيرها الكبير في أفكار الناس، وتوجهاتهم، فإن الإعلام المسؤول، والمدرك لدوره ورسالته، يمثل أداة من أدوات مواجهة أفكار التطرف والإرهاب من جهة، وكذلك مظاهر الانحلال من جهة أخرى؛ الأمر الذي سيجعلنا نغوص في البحث عن الوجه المشرق في الوسائل الإعلامية من حيث الاستخدام الحقيقي، والعمل على توظيفها فيما يعود على الإنسان والوطن بالنفع في جميع الجوانب، وكيفية تعاطينا مع الآخرين، وتفاعلنا مع العالم.
هناك أمر آخر بالغ الأهمية، هو أن بلوغ درجات أكبر من التطور الذي تفرضه أساليب الحياة الجديدة، ومتطلبات العصر التي تكبر، وتنمو كل يوم، يستدعي الانطلاق من قاعدة ثقافية واعية، تمنع التطرف والازدواجية، وتعمل على ترسيخ مفاهيم الوحدة الوطنية، وسيادة الأمن الاجتماعي، ومكافحة التمييز، وغرس مفاهيم المواطنة وحقوق الإنسان من أجل عملية بناء المجتمعات من حيث طبيعة المادة المقدمة، وما ترسخه من قيم فكرية وثقافية واجتماعية؛ حتى نكون قادرين - بإذن الله - على التزام الإعلام بتطلعات الوطن، ومشروعية أهدافه.