د. محمد عبدالله الخازم
شهر رمضان على الأبواب ورغم أن اهتماماتي تنصب على قضايا تنموية محلية، فقد ذكرني بعض الزملاء بإعادة فكرة أو موضوع سبق أن طرحتها في الماضي وقد يكون هذا التوقيت بالذات مناسباً. هناك نقاش يدور أحياناً بشكل رسمي أو غير رسمي حول فكرة بعث الدعاة السعوديين إلى خارج المملكة. معرفتي بالموضوع لا تتجاوز خبرتي كطالب أو موظف بالخارج في ما يتعلق بإرسال بعض المشايخ أو القراء السعوديين إلى الخارج لإمامة المسلمين في شهر رمضان في بعض الدول، وهذه الممارسة تحديداً ومن خلال تجاربي في أكثر من دولة أعتبرها إيجابية وقد تراجعت بشكل كبير في السنوات الأخيرة. المسلمون في مساجد كندا أو أمريكا على سبيل المثال، يعانون من نقص في القراء المتميزين القادرين على أداء صلاة التراويح والقيام بطريقة متميزة ومتمكنة. وحتى في حال توفر ذلك، فقد أصبحت عادة لدى كثير منهم استقطاب قراء من إحدى الدول الإسلامية العربية. الأزهر على سبيل المثال، ورغم كل الظروف لا زال يبعث المشايخ ليأموا الناس في شهر رمضان وأحياناً على حساب المراكز والجمعيات الإسلامية في البلد الغربي ومساهمات أعضائها. لهفة المسلمين في تلك الدول وترحيبهم بالدعاة السعوديين المعتدلين للقيام بمهام الإمامة وتحفيظ القران والخطابة المتنورة أمر مقدر في المجتمعات الإسلامية، فلا يجب التخلي عن ذلك لمجرد بعض الممارسات السلبية القليلة، إن حدثت. فهمت من البعض أن الممارسة انحرفت قليلاً في بعض الحالات، حينما تحول الأمر إلى مجاملات لبعض الأشخاص على حساب معايير المهمة الثقافية والشرعية المطلوبة منهم. لكن ذلك لا يبرر إيقاف التجربة - سواء عن طريق الوزارة أو الجامعات- وإنما تجويدها بمراجعة معاييرها وفق النقاط المقترحة التالية:-
* أفضل أن نبحث لها عن اسم أشمل كأن نسميها البعثات الثقافية الإسلامية أو نضعها تحت برامج التبادل الثقافي، حتى نزيل القلق من المسميات الدعوية وفهم الآخر الضيق بأننا نذهب لدعوة الناس لتغيير دينهم وتكون المهمة أشمل وضمن إطار رسمي بين الدول.
* إيجاد برنامج تعاون بين وزارة الشؤون الإسلامية ووزارة التعليم (الجامعات) في اختيار البرامج الثقافية الإسلامية المراد تنفيذها في الخارج، لتكون لها رؤية علمية واضحة، بتحديد المهمة وبرنامجها وطريقة تقييمها.
* الحرص على بعث من يمتلك الثقافة ويفضل إجادة لغة البلد الذي يذهب إليه، ولديه القدرة على تفهم وتقبل اختلافات الناس. يجب أن نبحث دائماً عن القبول والبعد عن حرج التنفير أو التكفير أو الإنكار لممارسات خلافية بين المذاهب والفرق الدينية.
* التنسيق مع السفارات أو الملحقيات الثقافية في استقبال وترتيب أمور المبعوثين في البلد المضيف، ليتم تجنيبهم اللجوء إلى جماعات - بحسن نية - تستغلهم لأهداف غير إيجابية. أتمنى أن أصلي رمضان القادم في بلد الغربة خلف شاب سعودي مثقف يأتينا بفكر ديني معتدل و متنور، يعكس صورة الوسطية والتسامح والسلام وتقبل الآخر في دين الإسلام..
بلغكم الله رمضان وأنتم بصحة وعافية.