فهد بن جليد
حتى نوفمبر الماضي لم تتجاوز نسبة من يستخدمون أي شكل من أشكال الطاقة الشمسية في منازلهم أكثر من 1.3 في المئة من الأسر السعودية - بحسب الإحصاء الرسمي - ببساطة هذا يكشف أنَّ ترشيد استخدام الطاقة لم يكن من الخيارات الفاعلة والرئيسة المطروحة عندنا, رغم جهود التوعية السابقة (غير الفاعلة) بالشكل المطلوب, المشهد اليوم يتغير -شيئاً فشيئاً - مع وقف الدعم الحكومي عن أسعار الطاقة, بدأنا نرى السعوديين يبحثون عن الأجهزة ذات الكفاءة العالية لتوفير الطاقة, ويقومون باستبدال اللمبات العادية لمنازلهم واستراحتهم بلمبات LED، كما أنَّ العديد من المنازل بدأت في وضع نظام لتخفيض الاستهلاك - رغم أنَّ الذروة لم تأت بعد - وحتى أنماط وسلوك المُستخدمين آخذ في التغير الإيجابي لصالح تخفيض الاستهلاك مع تراجع حدة (التعليقات والنكات الساخرة) التي كانت تُطلق على من يقوم بتعهد اللمبات والموصلات الكهربائية في نهاية اليوم, ويتم تشبيهه في البيت (بالأب المُتقاعد).
أول مسح من نوعه في الخليج العربي (للطاقة المنزلية) كشف أنَّ الاهتمام بين المُستهلكين السعوديين بترشيد الاستهلاك للطاقة الكهربائية في المنازل, لم يكن يتجاوز الـ56.1 في المئة, فسلوك وأنماط الأسر لم تكن مُهتمة بهذا الأمر, وليس في سلم أولوياتها, وهنا ينبغي أن نشكر الهيئة العامة للإحصاء على اهتمامها وقيامها بمثل هذا النوع الجديد من البيانات التي تتعلق بسلوك وأنماط المُستهلك السعودي داخل منزله، فمثل هذا المسح (المُتقدم من نوعه في منطقتنا) لا يُفيد صُنَّاع ومُتخذي القرار فحسب، بل يكشف للأفراد كذلك جانباً مُهملاً من حياتهم، ولربما خلق نوعاً من الوعي لدى الناس لتغيير سلوكهم, وإعادة فهم مُتطلبات المرحلة الاقتصادية التي يعيشونها مع المُتغيرات الجديدة.
ترشيد الاستهلاك أصبح ضرورة ولم يعد خياراً، أحد الأصدقاء أطلق فكرة جيدة وسريعة لمواجهة فاتورة الكهرباء المُرتفعة مُنذ وقت مبكر, عندما بدأ مع كل شهر في تقسيم قيمة استهلاك الفاتورة على عدد أفراد أسرته، ومنح كل منهم (نقداً) نصيبه بالتساوي من قيمة الفاتورة ليبقى معه في محفظته (أسبوعاً كاملاً) يراه كل يوم ولا يستطيع الصرف منه، ثم طلب استعادة المبلغ منهم وتجميعه مرة أخرى لسداد الفاتورة - هنا شعر الأبناء بحجم المبالغ المُهدَّرة - والتي كان يمكن الاستفادة منها في أمور أخرى، ونجح في تحسين سلوك الأسرة الاستهلاكي، ووعيهم بأهمية تخفيض الفواتير في الأشهر اللاحقة, أحياناً صمت الأب، وصبره على سداد الفاتورة دون إشراك الأبناء في فهم ما يحدث بطريقة غير تقليدية، جزء من المُشكلة والحل في ذات الوقت!.
وعلى دروب الخير نلتقي.