د. عثمان عبدالعزيز الربيعة
كتب الدكتور محمد بن يحيى الفال في العدد (16645) الصادر يوم الأربعاء 9-8-1439هـ مقالة جميلة تحت عنوان (المركز الوطني لمراقبة الأمراض) أكّد فيه علي حتمية إنشاء مثل هذا المركز للأسباب الوجيهة التي ذكرها، ومنبّهاً إلى الظروف الراهنة التي تخطط فيها وزارة الصحة لتعميم التغطية الصحية لغالبية المواطنين عن طريق شركات تملكها الدولة غير ربحية، مما يجعل شؤون مراقبة الأمراض والوقاية منها في حاجة ملحة لجهة متخصصة للقيام بذلك. وأودّ هنا أن أبلغ الكاتب الكريم بما قد يسرّه، وهو أن وزارة الصحة عملت على تطوير جهودها في مكافحة الأمراض منذ عدة سنوات في مسارين: الأول مشروع إنشاء مختبر صحيّ وطني يكون مرجعياً يجري جميع الفحوص الفيروسية والبكتيرية وغيرها من فحوص الصحة العامة للتشخيص المبكر والتعرف على مسببات الأمراض -ولاسيّما الوافدة والمستجدة. وقد أنشئ المختبر- ولله الحمد - بعد مخاض طويل. المسار الثاني هو مشروع إنشاء مركز للوقاية من الأمراض الذي وجدت أمثاله - كما ذكر الكاتب - في دول عديدة أوروبًية وأمريكية منذ عشرات السنين، واستفادت وزارة الصحة عندنا من بعض خدماتها في عدة مناسبات إما للمشورة أو لمساعدة فنية - على سبيل المثال الاستعانة بمركز مكافحة الأمراض في أطلانطا لتأكيد تشخيص الفيروس المسبب لوباء حمّى الوادي المتصدع الذي تفشى عام 1421هـ في منطقة تهامة. وكانت الوزارة مقتنعة بضرورة إيجاد مركز مماثل في المملكة- ولاسيّما بعد التعامل معها أو الاطلاع عن كثب على تنظيم وأنشطة تلك المراكز، كقيام وزير الصحة الأسبق د. حمد المانع بزيارة مركز مكافحة الأمراض في الصين عام 1426هـ، وطرحه الموضوع للنقاش على مجلس الخدمات الصحية الذي يمثل جميع الجهات الصحية، وقد شكّل المجلس لجنة من المتخصصين لدراسة فكرة المركز وإعداد مشروع يرفع - إذا أقره المجلس - للمقام السامي. وبالفعل رفع المشروع المقترح أول عام 1429هـ إلى المقام السامي الذي صدرت موافقته الكريمة في عام 1434هـ على إنشاء المركز الوطني للوقاية من الأمراض ومكافحتها ضمن الهيكل التنظيمي لوزارة الصحة، ويرتبط مباشرة بوزير الصحة، وله ميزانية خاصة.
وتضمن قرار الإنشاء تفصيلاً لأهدافه ومهامه، والنص على إعادة تنظيم وكالة الوزارة للصحة العامة والوكالة المساعدة للخدمات المساندة بما يتفق مع الترتيبات المنصوص عليها في القرار. ونص القرار كذلك على أن يكون مقر المركز في مبنى المختبر الصحي الوطني، وأنه يمكنه الاستفادة مما يتوافر به من الإمكانات والتسهيلات، وبذلك اتحد المساران - المختبر الصحي الوطني والمركز الوطني لمكافحة الأمراض - ليكمّل بعضهما بعضاً في خدمة صحة الفرد والمجتمع. ولعل صدور قرار وزير الصحة د. توفيق الربيعة في العام المنصرم (1438هـ) بتشكيل مجلس إدارة المركز برئاسته وعضوية وكلاء الوزارات والرؤساء التنفيذيين للجهات ذات العلاقة بالصحة يعطي دفعة قوية لمواصلة مسيرة النجاح التي قادتها وزارة الصحة منذ سبعين عاماً في مجال الوقاية من الأمراض المعدية والطفيلية ومكافحتها.