خالد الربيعان
«على قد رجولك مد رجليك»، ملخص بسيط ومختصر وسهل الفهم لقرار الاتحاد السعودي الذي سيطبق على الأندية الموسم بعد القادم! والأمر شبيه جداً بقرار الاتحاد الأوروبي الشهير: اللعب المالي النظيف، الذي يلزم الأندية بأن تكون مصاريفها لا تتجاوز إيراداتها، وإلا سنسألك لو مصروفاتك زادت: من أين لك هذا؟ فترد أنت تقول عندي دعم! أو سأقترض من أحد المُرَابين! .. أقول لك آسف لا بد أن تصرف من إيراداتك ومداخيلك!
وقتها لا يكون أمام الأندية إلا حل من اثنين: النادي لو يتميز بفكر إداري محترف سيتجه لا محالة لتنمية مداخيل النادي، استغلال عناصر النادي في التسويق والاستثمار الرياضي: الملعب، التذكرة، القميص، البث التلفزيوني، إعلانات ورعاية، بيع لاعبين نجوم جلبها بحنكة من الخارج وقام بتلميعها أو قام هو بتصعيدها من أكاديمية ناشئيه! وإلا الحل الآخر: وهو أول جملة في المقال، يعيش على قدر حجمه ومداخيله! حتى يتجنب الانجذاب في فضاء معتم مخيف آخره ثقب أسود عنوانه «ديون وخراب بيوت»!
وهذه هي كرة القدم! وهذا هو الاحتراف في الرياضة! الجميع يكسب ويفوز، بالعقل وبالاحتراف والعمل المهاري الجاد، بدون أن يكون هناك طرف خاسر! فغير ذلك سيكون احد الأطراف خاسراً، مثل النادي لو تراكمت عليه الديون! تاريخه مهدد بالضياع والإفلاس وربما الغلق والشطب مثل «بارما» الايطالي، أو ربما تكون الجماهير هي الخاسرة مثل أندية كبيرة هنا بدون ذكر أسماء، جماهيرها في نكد دائم وحزن بسبب ديون ناديهم ونتائجه السيئة وقيود عدم التسجيل! وكل هذا بسبب إدارات سابقة لم تعرف الفرق بين إدارة نادي رياضي في عصر الاحتراف وبين إدارة مخبز من مخابز التميس!
زاوية أخرى مهمة جداً .. «90 % من أندية كرة القدم في العالم مديونة»! ولكن هناك مداخيل تغطي هذه الديون! باستمرار نرى هذا! ومانشستر يونايتد ديونه 536 مليون يورو، أكثر من نصف مليار! ولكن إيراداته في نفس الوقت 581 مليون باوند! أي أكثر من نصف مليار يورو أيضاً! بالتالي النادي ممتاز إدارياً وفنياً ومالياً والأهم من كل ذلك تسويقياً!
لذلك أرى أن الإعلان عن ديون الأندية السعودية الأخير قبل ساعات ينقصه أيضاً الإعلان عن الإيرادات والمداخيل، فحسب الإعلان: ديون الاتحاد 310 مليون ريال! والنصر 231 مليوناً، والهلال 115 والأهلي 110! ماذا لو كانت إيرادات الاتحاد 150 مليوناً وإيرادات النصر 20 ! قل لي واحسبها من أكثر ديوناً!
الموضوع نسبي! والحل النهائي لهذا الأمر هو التدخل العاجل الذي رأيناه من اتحاد الكرة وهو موضوع في الأساس لحل مشكلة الديون، وإجبار الأندية على الترشيد في الإنفاق، وتفعيل إستراتيجيات التسويق الرياضي، و»التفكير ولو قليلاً»! قبل كل خطوة مالية يمكن أن تكون ضد مصلحة النادي مستقبلاً! الأمر الذي يشبه كثيراً زراعة ألغام عشوائية لا نسمع انفجارها.. إلا بعد حين من الزمن!
حكمة المقال: لحافك منديل.. فكف عن الإنفاق كأرسنال أو ريال مدريد!
رسالة له!
معالي المستشار تركي آل الشيخ: هذه فرصة ذهبية لصناعة تاريخ في الإدارة والقانون الرياضي وعمل عبرة لمن يعتبر! لا بد من «تغليظ العقوبة» لرموز الفساد الرياضي ومن أوحلوا الأندية السعودية في ديون وصلت لمستوى تاريخي وعالمي وقياسي! صدقني العقل وحده لا ينفع في بعض الحالات.. فما لا يُحَل بالعقل.. يجب أن يُحَل بالجنون!