إبراهيم بن سعد الماجد
الأمم هوية، فمن لا هوية له لا بقاء له، قد تكون هوية الأمة باطلة أو فاسدة، لكنها تؤمن بها وتدافع عنها، ولذا تبقى وتُعمر.
نحن كأمة عربية مسلمة، هويتنا حق.. هويتنا صالحة متطورة.. هويتنا راسخة.
إذن أين مكمن الخطر؟
الخطر الذي نخشاه هو من أنفسنا لا من خارجها، فعندما يضعف الاعتزاز بهويتنا بين أبناء ديننا ولغتنا تكون الكارثة، ويكون الهوان، ويتبعهما الذوبان، لتنتهي الأمة والأوطان إلى تابعة ذليلة، بعد أن كانت متبوعة عزيزة.
قائد الأمة وملكها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز - حفظ الله - استشعر هذا الخطر فكان قرار مجلس الوزراء الذي صدر مؤخراُ المؤكد على اللغة العربية في جميع المؤتمرات والملتقيات والندوات التي تُعقد في المملكة العربية السعودية، وألا تكون اللغات الأجنبية إلا مُترجمة للعربية في حال الضرورة.
الأمير الدكتور فيصل بن مشعل أمير منطقة القصيم بوعيه وثقافته وغيرته على لغته، وجه بتأسيس مركز للغة العربية، وتم تشكيل مجلس إدارته من نخبة من الأساتذة المهمومين بهذه القضية، وعقد أول مجلس الاثنين الماضي برئاسة سموه، وكان الحوار شفافاً والنقاش مثمراً، خرجنا منه والجميع متحمساً للبذل والعطاء لتحقيق طموح سموه الذي أكد في بداية الجلسة على أن الاهتمام باللغة العربية هدف من أهداف رؤية المملكة 2030.
في هذه الجلسة طالب سمو الأمير الدكتور فيصل على ألا نبدأ من حيث بدأت المراكز والمؤسسات المشابهة، بل علينا أن نبدأ من حيث انتهوا، مؤكداً على وجوب أن تكون لنا خططنا الواضحة والمختلفة، من أجل أن نحقق أهدافنا الرائدة.
المركز لن يكون مركزاً يخاطب النخب الثقافية، بل سيكون قريباً من العامة وخاصة الشباب والفتيات، سيخاطبهم بلغتهم العربية الفصيحة غير المقعرة ولا المقيدة بقواعد اللغة، لكنه يريد أن يزيل هذه الغشاوة التي رانت على أبصار الكثير من النشء فلم يعودوا يرون إلا الكلمات الأعجمية والعبارات الإنجليزية، ونسوا أو تناسوا أن لغتهم هي أم اللغات وهي الأجمل والأكمل باعتراف الأمم الأخرى.
سمو الأمير الدكتور فيصل بن مشعل منزعج وحق له أن ينزعج من تحول أطفالنا إلى اللغات الأجنبية في حياتهم اليومية ونسيانهم لغتهم العربية لغة القرآن الكريم، ويرى أننا يجب علينا العمل بكل جد واجتهاد لتحبيب النشء في لغتهم وتقديمها لهم كلغة جاذبة مبدعة مرنة، وهي كذلك، لكن العيب فينا نحن لا فيها كما قال حافظ إبراهيم في بيته الشهير.
مركز اللغة العربية في القصيم أتوقع أن يكون نموذجاً مشرفاُ ومختلفاً كون من يرأسه وجميع أعضاء إدارته يحملون رسالة يرون بأهمية أن تصل لكل متلقٍ، وهي رسالة أهمية العودة إلى لغتنا التي هي.. هويتنا.