ميسون أبو بكر
الأدب يصنع الحياة ويؤرِّخ بعبارات رشيقة بعيدة عن السرد التاريخي الخالي مما قد يستفز الأحاسيس ويمايسها، ولعل إشارة د. ناصر البراق مدير الجلسة التي تحدث فيها معالي د. عبدالله الربيعة في لقاء «صحافيون» حول مركز الملك سلمان للإغاثة والمساعدات الإنسانية عن الرواية التي كتبتها الروائية الرومانية دومنكا إليزل والتي جعلت من الدكتور عبدالله الربيعة بطلاً لروايتها تقديراً منها للعمل الإنساني الذي يقوم به من فصل التوائم السيامية وإدخال البهجة على قلوب أهل هؤلاء الأطفال ومنحهم فرصة للحياة دون معاناة.
القصص الطبية كانت وقوداً لكثير من الروايات التي كتبها أدباء أو أطباء روائيين، وقد قابلت منهم عدداً في برامجي التلفزيونية مثل د. إبراهيم الخضيري ود. منذر قباني.
ماركيز الروائي الكبير قبل أن يتحول للصحافة ثم الأدب كان طالب طب حسب حلم والده، وآرنست همنجواي الذي كتب «وداعاً للسلاح» كانت بطلة روايته ممرضة اعتنت به فترة إصابته جراء الحرب، واعتبرت روايته من أجمل الروايات العالمية.
ربما كان الرابط بين الأدب والطب هو نبل هذه المهنة واقترانها بالبعد الإنساني للآخر، فإذا تتبعنا قصة الممرضة «كلود مندي بيل» التي ساعدت الكاتب المعروف جان دومينيك الذي تعرض لجلطة حادة تركته مشلولاً ما عدا عقله الذي سلم من الأزمة الصحية التي أصابته، ليتمكّن بعد ذلك بفضل كلود من كتابة الرواية العظيمة، فمن خلال التواصل برمش الجفن، مع»كلود ميندي بيل» عن طريق ذكر حروف اللغة أمامه، وإغماض جفنه عند النطق بالحرف اللازم لكلمته، تمكّن الكاتب الفرنسي الملهم أن يخرج ما بداخله ليصبح أهم مؤلفاته، وهو كتاب «بدلة الغوص والفراشة».
الطبيب والمفكر المصري مصطفى محمود المتخصص في المخ والأعصاب والذي أبدع في الأدب فإنه اختار الثاني وترك مهنة الطب عندما أصدر جمال عبد الناصر قراراً بعدم الجمع بين الوظيفتين.
الطبيب ميخائيل بولغاكوف المولود في أوكرانيا عندما انتقل إلى روسيا بعد الحرب تفرّغ للكتابة الأدبية واعتبر من مشاهير الكتّاب الروس.
ثم آرثر كونان دويل وهو الكاتب العظيم لسلسلة الروايات البوليسية «شارلوك هولمز» كان طبيباً معروفاً.
نماذج كثيرة ومعروفة عالمياً جمع أصحابها بين مهنة الطب وموهبة الكتابة والتأليف وعبر عن هذا العشق الطبيب والأديب الروسي أنطون تشيكوف: «الطب هو زوجتي القانونية، والكتابة عشيقتي، عندما أتعب من واحدة منهما، أقضي وقتي مع الأخرى».
وليس سراً غامضاً أو أمراً مستغرباً هو الجمع بين الطب والكتابة، بل تأكيداً على البعد الإنساني الذي يجمع بينهما والحاجة الإنسانية للتعبير عن المشاعر والغوص في المجتمع.