فهد بن جليد
إذا ما كُنَّا جادين في تعليم أبنائنا اللغة الإنجليزية، وإكسابهم مهارة إجادة لغات أخرى, حتى ينعكس ذلك على طريقة تفكيرهم، واتساع مداركهم أكثر لكسب العلوم وفهمها, وشق طريقهم لخدمة أنفسهم ووطنهم بكل نجاح في هذه الحياة، بصورة مُغايرة لما اشتهر عن ضعف تعامل نسبة كبيرة جداً من السعوديين مع اللغة الإنجليزية (والتي بدأت تتلاشى كثيراً مع الابتعاث)، فعلينا العمل مُنذ سن مبكرة لهذا الأمر، وهنا أعني دور الأسرة في التعامل مع الطفل في السادسة من عمره وأقل, خصوصاً وأنَّ الأبحاث العلمية تؤكد صدق المثل العربي القائل (العلم في الصغر كالنقش على الحجر) نتيجة قدرات الطفل في هذه المرحلة، ففي آخر دراسة نُشرت هذا الأسبوع عن جامعة MIT الأمريكية، أكَّدت أنَّ اكتساب لغة جديدة وإتقانها, يجب أن يبدأ قبل سن العاشرة، وينتهي في سن الثامنة عشر، هذ هو العمر المثالي عند جميع الناس (بشكل عام) لتعلم واكتساب لغة جديدة بإتقان - بالطبع هذا لا يعني عدم نجاح آخرين في تعلم اللغة في أي عمر - تبعاً لذكائهم وقوة ذاكرتهم وقدراتهم الخاصة.
علينا الاعتراف أنَّ وزارة التعليم لم تنتبه لأهمية هذه القضية إلا في سنوات مُتأخرة، خصوصاً لناحية إدراج اللغة الإنجليزية لمناهج المراحل الابتدائية والصفوف الدنيا, فالسنوات الثلاث في المرحلة المتوسطة ومثلها في الثانوية لم تكن كافية، لأنَّ المادة لم تكن أساسية وغير مُقدمة بشكل مُرَّكز, فواقع مُعظم طلابنا بعد التخرج مُزّري مع اللغة الإنجليزية وهذه حقيقية خصوصاً لناحية الكتابة والقراءة إذا ما استثنينا من يُجيدون المُحادثة المُكسرة بجهودهم الذاتية - أنا هنا لا أتحامل - فالعديد من التقارير الصحافية وتعليقات المُبتعثين وتجاربهم عند بدء الدراسة والعيش في مُجتمعات الابتعاث تؤكد حجم المُعاناة التي خاضوها, والصعوبات التي تجاوزها بعضهم ومازال بعضهم يعيشها، والسبب دائماً ضعف التأسيس بالشكل الصحيح مُنذ البداية, وهو ما لا نُريد تكراره مع الأجيال الجديدة.
لننظر اليوم للمُستقبل بشكل مُختلف ونتفاءل بخطط وزارة التعليم في هذا الصَّدد، ولكن ثمَّة مُعضلة جديدة (داخل البيوت) يجب الانتباه لها ؟ فأطفالنا دون سن السادسة بحسب أكثر من دراسة علمية سعودية، يُعانون من تأخر في الكلام والنُطق أكثر من نظرائهم في المجتمعات الأخرى، مع ضعف التركيز والتشتت، والمُتهم الرئيس هنا هي الأجهزة اللوحية والهواتف الذكية (الأطفال يتعلقون بالألوان، وتشغلهم سرعة الحركة، وتشدهم الموسيقى) ولا أحد يتحدث معهم، هذا تحدٍ جديد صامت ؟ ومشكلة مُرَّكبة ؟ فبدلاً من اكتساب لغة جديدة، بتنا مشغولين في مُحاولات جعل الطفل يتكلم بلغته الأصلية وينطق حروفها بالشكل الصحيح في هذا السن !.
وعلى دروب الخير نلتقي.