د.عبدالله الغذامي
تسلك المطاعم حيلاً بلاغية لجذب الزبائن، وفي لندن مطعم كبير يقع في شارع يمر عليه بشر كثير، وكل عابر على الرصيف سيرى لوحة معروضة بشكل لافت على واجهة المطعم الزجاجية تقول: مالك المطعم يأكل هنا، وقد وضعت لإغراء المارة وجذبهم للمطعم، أما أنا فقد استوقفتني الجملة وأثارت فضولي النقدي، ولكنها لم تقنع شهية الطعام عندي، وكأن حاستي النقدية لاحقتني للتشكيك بالجملة البلاغية، مهما كانت، وتعودت أن أتلمس الهفوات النسقية من تحت الحيل اللفظية، وتكرّر ذلك لي مع مطعم لندني آخر كتب على قائمة الطعام: إذا لم يعجبك الطبق فسيأكله الشيف أمامك، وهذه جملة تركت رد فعل سلبي عندي، حيث صرت أتصور الشيف يدور بين الطاولات ليأكل الأطباق واحدا تلو آخر، وكنت أتذكر نكتة قديمة تقول إن رجلا في مطعم استاء من مذاق الطعام وطالب بالتحدث مع مدير المطعم فقالوا له إنه ذهب للغداء في المطعم المجاور ....!!! ولا شك أن حكايات الناس مع المطاعم تمثّل مظهراً ثقافياً واجتماعياً شائعاً، بدءاً من المذاقات وامتداداً للأسعار، حتى بلغ الأمر أن سلسلة مطاعم مشهورة في لندن خصصت قائمة للخليجيين يختلف سعرها عن القائمة الرسمية، وكلما لاحظوا أن الزبون خليجياً قدّموا له القائمة المغشوشة، وقد كشفها عدد من الناس وتداولوا أخبارها ونشرت في بعض الوسائل، ولكن لم يتصد أحد لرفع قضية قانونية ضدهم، مع شيوع الخبر بين الناس . وتظل المعدة بيت الداء، وشروط حمايتها تحتاج لثقافة خاصة لا تقويها سوى الورطات وتعلم كشف الحيل .