عبد العزيز الصقعبي
كل صاحب إنجاز يعنيه كثيراً ردود فعل الآخرين لقاء ما قدمه، والتكريم يأتي في قمة تلك الردود كعرفان بأهمية ذلك المنجز، وربما تأتي كلمة «أحسنت» كبلسم يزيل كل تعب لقاء الجهد الذي بذله لإنجاز مشروعه، فما بالكم بأشخاص كان لهم تاريخهم المشرّف وتضحياتهم التي كانت بكل تأكيد على حساب صحتهم وحياتهم الخاصة، أقول ذلك بعد أن سمعت الفنان القدير عبد العزيز الهزاع في حوار أجراه معه الإعلامي المتميز ياسر العمرو، حين أشار إلى حادثة الاستغناء عنه من قبل مشرف سابق على هيئة الإذاعة والتلفزيون بحجة المصلحة العامة، هذه حادثة أصبحت قديمة وعالجها حسن استقبال معالي الوزير عواد العواد لعبد العزيز الهزاع منذ أيام، الغريب هو عدم تكريم هذا الفنان الشامل من قبل وزارة الثقافة والإعلام.
لا أعتقد أن هنالك سعوديا أو مقيما عاش في هذا الوطن منذ بداية البث الإذاعي واستمع لبرامج رمضان إلا وقد رسخت في ذاكرته «يوميات أم حديجان»، أكثر من نصف قرن، والحضور الفني لعبد العزيز الهزاع ليس في المملكة فقط بل على مستوى الوطن العربي، وقد لاحظت ذلك في الأسبوع الثقافي الذي أقيم في الجزائر قبل ربع قرن تقريباً.
ولو تحدثنا عن هذا الرجل «عبد العزيز الهزاع» سنحتاج إلى أكثر من عدد من المجلة الثقافية في الجزيرة، ولكن استغربت كثيراً من عدم تكريمه من قبل المؤسسات الثقافية، باستثناء حفل تقاعده من رعاية الشباب في فترة كانت هنالك محاولة لإنهاء الفنان الذي في داخله، ولكن بقي وعاد متألقاً بعد سنوات.
كثير من رموز المملكة ماتوا دون أن يكرموا، ربما كانت هنالك مبادرة قديمة من قبل الأمير فيصل بن فهد – رحمه الله- حينما منح بعض الرواد جائزة الدولة التقديرية، من ضمنهم الأمير عبد الله الفيصل، وأحمد السباعي وحمد الجاسر وعبد الله بن خميس رحمهم الله جميعاً، إضافة إلى التكريم السنوي في مهرجان الجنادرية، وآخر من كرّم الدكتورة القديرة خيرية السقاف التي حققت الريادة في الصحافة والعمل الأكاديمي والأدب.
الدولة حرصت على تكريم الرواد، ولكن بعض المؤسسات الثقافية أصبح التكريم مجرد نشاط أدبي ينتهي بتقديم درع والنشر في الصحف كخبر عن نشاط قدمته المؤسسة، حيث يأتي أحياناً في نهاية الخبر وقد تم تكريم عدد من الأدباء والمشاركين بالفعالية.
وهنا أستحضر تغريدة الدكتور عبد الله الغذامي التي يقول فيها» عندي اقتراح للأندية الأدبية... إذا رغبتم في تقدير ضيف يحاضر عندكم فاهدوا له لوحه فنية لفنانة أو فنان من أبنائنا هذه رمزية أفضل من تلك الدروع التي صارت موضة غبية».
وحقيقة هو اقتراح جميل لتكريم المشاركين في المحاضرات والحلقات العلمية لقاء ما قدموه من معرفة عبر محاضرة أو ندوة، وأذكر أن جمعية المكتبات والمعلومات السعودية قد أهدت لكل مشارك لوحة مكتوبة بالخط العربي الجميل، ربما بعض جمعيات الثقافة والفنون كانت له مبادرة تقديم لوحات، إضافة إلى مبادرات بعض الفنانين، وبالطبع قيمتها المعنوية والمادية أكبر من أغلب الدروع.
أتمنى من وزارة الثقافة والإعلام والهيئة العامة للثقافة، المبادرة لتكريم مبدعي الوطن، فعبد العزيز الهزاع يحتاج أن ترصد كل أعماله المسموعة والمرئية وتتاح عبر موقع إلكتروني وأن ترصد الكتب للحديث عن تجربته المتميزة، وبالطبع يصاحب ذلك التقدير المادي، وبقية الرواد والأجيال التي بعدهم من المبدعين وبالذات ممن قدر الله أن يتوفاهم في سن متقدمة، فيحتاجون إلى إعادة نتاجهم الإبداعي واتاحته للقراء بطبعات تباع بسعر رمزي.
رئيس هيئة الرياضة حينما تولى منصبة قرر إقامة حفل اعتزال لعدد من اللاعبين القدماء، وهو نوع من التكريم، وبكل تأكيد هنالك مبالغ كبيرة تدفع لإقامة ذلك الحفل، بالطبع لا اعتزال في الثقافة والأدب، ولكن هنالك بعض الأدباء من تسعدهم مبالغ بسيطة يطبعون بها نتاجهم، أو يحسنون بها حالتهم المعيشية، وكثير منهم كان لهم حضور ثقافي مشرف داخل الوطن وخارجه، فهل يتحول الدرع في حفل التكريم إلى فانوس سحري أو لوحة.