فهد بن جليد
لا يمكن أن تُسلِّم على شخص دون أن يطرح عليك تلك الأسئلة العابرة والمُتناثرة بسرعة البرق (وش الأخبار؟.. وش العلوم؟.. كيف الصحة؟.. كيف الحال؟)... إلخ.. في الحقيقة ليس المقصود انتظار سماع جديدك، أو الإنصات لأخبارك، أو معرفة تفاصيل أحوالك, أو الاطلاع على تقرير عن (حالتك الصحية والمادية والنفسية) من باب الاهتمام، بقدر ما هي (لزّمة مُجتمعية) أعتبرها شخصياً مُبالغ فيها و(زائدة), ويجب التوقف عنها قدر الإمكان واستبدالها بعبارات أكثر لُطفاً وواقعية تعبر عن الترحيب والشوق والاهتمام بشكل حقيقي، أكثر من البحث عن المعلومات وكأنَّنا نعيش حالة تقصي، فما يقفز في أذهانِّنا عند سماع هذه الأسئلة هو البحث لها فوراً عن إجابات مُلائمة، ولكن لا أحد يُنصت، بدليل أنَّ السائل لا ينتظر حتى يستمع لما ستقول، فهو ببساطة بات مشغولاً بطرحها وبطريقة سريعة أيضاً على الشخص الذي يليك وهكذا -دواليك- في مجالسنا وعند رؤية بعضنا البعض، جميعنا نُمارس ذات الخطأ مع الآخرين عند رؤيتهم بطرح تلك الأسئلة السريعة والطائرة من باب العادة، وكأنَّها تحليلة قسم للخلاص من أي عتب ولإثبات التواصل والاطمئنان بينَّنا.. فهل الأمر يحتاج لمُراجعة، بعيداً عن فرط الكلام وسرعة قذف الجُمل والكلمات المُتطايرة في حالتي الحب والكُره، عند العناق والخناق؟!.
أرجو أن لا ينظر أحد إلى مثل هذا الطرح بشيء من الغضب، وكأنَّني أتمرَّد على عادات وتقاليد قائمة، خلاف ما قصدتُ بجعل (كلامنا) عند اللقاء والسلام والعناق له معنى، وأسئلتنا حقيقية، فأنَّا مع السؤال عن الأحوال والاطمئنان، ومع هذه الحالة الجميلة من الانسجام المُجتمعي بالترحيب، ولكنَّ الطريقة والأسلوب يحتاجان -برأيي- لإعادة نظر وتصحيح، بعيداً عن التمتمة بتلك الجُمل والأسئلة، وبطريقة منطقية أكثر مما هو قائم الآن على حساب وقتنا ومشاعرنا.
ربما علينا التخلص من طرح هذه الأسئلة بتلك الطريقة السريعة، واستبدالها بأخرى هادئة تتصف بالتصالح والشوق، وتنُّمُ عن مدى الحب والاهتمام بين أفراد المُجتمع، لنتنفس معها الحياة ويكون الإنصات للإجابة هو سيد الموقف بين الطرفين -لتبادل التحايا- بدل أن يُمطر كل واحد منَّا الآخر بأسئلة (مُتطايرة ومُتصادمة) لا معنى لها، هذا كل شيء.
وعلى دروب الخير نلتقي،،،