«الجزيرة» - محمد السنيد:
تشارك الأمانة العامة لمجلس وزراء الداخلية العرب الدول العربية خلال الفترة 4-10 من شهر مايو من كل عام، الاحتفال بأسبوع المرور العربي، الذي يشكل مناسبة مهمة لتوعية المواطن العربي بأهمية احترام وتطبيق قواعد المرور، وتنمية إحساسه بمسؤوليته المشتركة تجاه تحقيق السلامة المرورية، وإشراك مختلف مكونات المجتمع المدني في الجهود المبذولة للتوعية بأخطار هذه الحوادث وتفادي ويلاتها.
ويأتي الاحتفال بأسبوع المرور العربي هذا العام تحت شعار «التزامك بالنظام.. دليل وعيك» للتأكيد على أهمية النظام في السلامة المرورية، ولتحسيس المواطنين وتوعيتهم بضرورة تطبيق واحترام قانون السير والالتزام بتعليماته، سواء كانوا سائقين أو راجلين، وهو فرصة كذلك للرفع من مستوى التعاون بين رجال المرور ومستخدمي الطرق بما يضمن انسياباً آمناً لحركة السير.
فقد باتت ظاهرة حوادث المرور من أخطر المشكلات التي تواجهها دول العالم اليوم، وهو ما تظهره آخر احصائيات منظمة الصحة العالمية، التي تشير الى أن أكثر من 3000 مراهق يموتون جراء حوادث الطرق، وأن إجمالي الوفيات يناهز 1.3 مليون حالة وفاة سنوياً لأسباب يمكن الوقاية منها إلى حد كبير، ويتعرض 20 الى 50 مليون شخص لإصابات خطيرة من جراء تلك الحوادث تؤدي في كثير من الحالات إلى إعاقة دائمة، كما تعد السبب الأول للوفيات لدى الشباب الذين تراوح أعمارهم ما بين 15 و29 سنة.
وليس العالم العربي بمنأى عن هذه المعضلة الوخيمة، فقد تضمنت النشرة الإحصائية لحوادث المرور المسجلة في عام 2016، والتي أصدرتها الأمانة العامة في ضوء إجابات 12 دولة عربية، أن عدد حوادث المرور بلغ 832794 حادثاً مرورياً، تسبب في مقتل 17630 شخصاً وجرح 241506 شخصاً، وأن العنصر البشري كان هو السبب الرئيس لهذه الحوادث بنسبة 96.47 %، وهو معطى يشكل كارثة لمجتمعاتنا العربية، التي هي في أمس الحاجة إلى جهود أبنائها بقدر ما هي بحاجة أيضاً إلى كافة الإمكانات والثروات المهدرة جراء تلك الحوادث، والتي تقدر خسائرها بـ25 مليار دولار سنوياً، مما يجعلنا أمام مسؤولية كبيرة لإعادة النظر في كافة الاستراتيجيات والخطط والبرامج المرورية، حتى نستطيع أن نوقف هذا النزيف المروري الخطير وويلاته وتداعياته.
وما فتئ مجلس وزراء الداخلية العرب يولي موضوع السلامة المرورية أهمية بالغة، حيث قام بوضع استراتيجيات وخطط لمواجهة هذه المعضلة، أهمها الاستراتيجية العربية للسلامة المرورية، وخططها المرحلية، التي كان آخرها الخطة المرحلية السادسة التي اعتمدها في دورته الخامسة والثلاثين الأخيرة بالجزائر 2018م، ويعقد المجلس في نطاق أمانته العامة مؤتمراً عربياً دورياً لرؤساء أجهزة المرور، لتدارس معضلة المرور في العالم العربي وأسبابها وتداعياتها والحلول الناجعة لها.
إن السلامة المرورية بحاجة إلى بذل المزيد من الجهود والمبادرات من قبل الجميع، لأن التزامنا بأنظمة السلامة المرورية سوف ينعكس إيجابياً على من حولنا، وبالتالي توسيع دائرة الوعي بها ابتداء من أسرنا وأقاربنا وأصدقائنا. فعلى كل واحد منا أن يتذكر أن مهارة السائق تقاس بقدرته على تلافي أخطاء الآخرين واتخاذ القرارات الصحيحة بعيداً عن التسرع والتهور، وأن سلوكه أثناء القيادة هو مرآة لشخصيته. وهو ما يحتم علينا تعليم أطفالنا وأفراد أسرنا آداب وقواعد السير على الطريق واحترام إشارات المرور حفاظاً على سلامتهم، «فلنكن قدوة ومثاليين».