حمّاد السالمي
قبل تدشين (خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز) -رعاه الله- المرحلة الأولى من مشروع (القِدية) على أطراف الرياض العاصمة شاهدت ملامح جديدة له، تظهر لأول مرة، وتكشف عن عمل تم وجرى على الأرض، يبدو مدهشًا من الصور المنقولة. حقيقة، لم أكن أتصور أننا في «ظرف وجيز»، لم يتخطَّ عامًا واحدًا، نصل إلى هذا المستوى من التخطيط والتنفيذ؛ ليأتي التدشين الرسمي المبهج مكملًا للدهشة التي تجعلني أرى مستقبل (مشروع القِدية) يتشكل أمامي، ويسارع الخطى نحونا بشكل أكبر.
هكذا بدا الأمر لكل ذي عينين مبصرتين. لقد جاء اختيار مكان المشروع بعناية فائقة، وبُني على أسس جغرافية وطبيعية مميزة؛ ففيه مشاهد لتضاريس خلابة، بين أودية، وجبال، وتلال، وتراكيب صخرية بين مرتفعة ومنخفضة متعددة. المكان فرض نفسه، والمكين أحسن الاختيار، وانطلق لاستثماره بعزم وحزم وحسم (الملك سلمان بن عبدالعزيز) وولي العهد (الأمير محمد بن سلمان)، رائد التحديث والتطوير في هذا العهد الجديد، الواعد بكل جميل في مملكتنا الفتية.
إن كل ما له علاقة بمشروع القِدية مدهش للغاية. هو مشروع ترفيهي حضاري بمضامين اقتصادية. يعد الأضخم من نوعه في العالم، ثم يقام في منطقة صحراوية لم يُعرف عنها إلا أنها طريق للقوافل قديمًا: (أبا القد). كان هذا الطريق التاريخي يخترق جبال طويق؛ ليربط بلدات الرياض الغربية بالرياض، قبل أن يتحول إلى طريق للسيارات بين نجد والحجاز في عهد الدولة السعودية.
مشروع القدية مدهش.. نعم؛ لأنه يمتد على مساحة (334 كيلومترًا مربعًا)؛ وهو بهذا يعد أكبر من (ديزني لاند الأمريكية) بثلاث مرات..!
مشروع القِدية مدهش؛ لأنه يعد نموذجًا جديدًا لتنمية الأراضي الصحراوية الشاسعة حول المدن السعودية، من دون تكاليف مرتفعة، مقارنة مع مشاريع عالمية أخرى.
القِدية مشروع مدهش؛ لأنه سوف يضيف قيمة اقتصادية للاقتصاد السعودي، تقدر بنحو: (17 مليار دولار) سنويًّا. كما سوف يوفر نحو: (30 مليار دولار)؛ ينفقها السعوديون كل عام على السياحة والترفيه خارج البلاد.
«القِدية مشروع مدهش؛ لأنه سوف يوظف قرابة (50 مليار دولار) من الوفر المالي في الإنفاق؛ لتنمية الاقتصاد المحلي الداخلي؛ ويخلق بذلك فرص عمل جديدة للشباب السعودي.
والقِدية مشروع مدهش؛ لما يوفره من نشاطات متنوعة: أكاديميات للتدريب - مضامير صحراوية وأسفلتية مخصصة لعشاق رياضات السيارات - أنشطة ترفيهية مائية وثلجية - أنشطة مغامرات في الهواء الطلق - تجارب السفاري والاستمتاع بالطبيعة - فعاليات تاريخية وثقافية وتعليمية - مراكز تجارية ومطاعم ومقاهٍ وفنادق - مشاريع عقارية - خدمات تلبي تطلعات فئات المجتمع كافة.
والقِدية مشروع مدهش؛ لأنه أكبر مبادرة استثمارية تدعم (رؤية السعودية 2030 ) الهادفة إلى تنويع مصادر الدخل الوطني، وخلق المزيد من فرص العمل للسعوديين.. ويتميز بأن موقعه لا يتطلب نزع ملكيات إلا في حدود قليلة جدًّا، تقدر بنحو: (10 %) من مساحته الشاسعة، وسيتم تعويض أصحابها بأراضٍ أخرى، وليس نقدًا.
وهو مشروع مدهش؛ لأنه يوفر فرصًا ووظائف جديدة للشباب السعودي من الجنسين، ويفتح الباب لصناعات جديدة، وإحلال معرفي غير مسبوق.
والقِدية مدهش؛ فهو يوفر أماكن ترفيهية بمستويات عالمية للمواطنين والمقيمين والزائرين من الخارج. وقمة الدهشة حين نعرف أنه يستهدف في مراحله المختلفة استقطاب أكثر من: (7 ملايين سائح سعودي) من الذين يغادرون سنويًّا إلى قارات العالم، وسيقلل هدر السفر إلى خارج البلاد من المواطنين أو المقيمين.
ومدهش هذا المشروع العملاق؛ لأنه يستهدف استقطاب: (31 مليون زائر)، عبر العديد من الخيارات الرائعة، التي منها الترفيه، والأنشطة الرياضية والثقافية، التي تقدم ضمن منشآت مصممة في ستة مجمعات بشكل مبتكر، منها مدن للألعاب، ومراكز ترفيهية، ومرافق رياضية قادرة على استضافة أبرز المسابقات والألعاب العالمية.
بهذا الحضور المدهش الذي يسجله أول مشروع تنموي كبير في رزنامة (رؤية المملكة 2030)، وبهذه المزايا الفريدة، الرياضية والترفيهية والثقافية والسياحية، التي يتميز بها مشروع القِدية الكبير، فإنه يستحق بكل جدارة أن يكون مثلًا وقدوة لبقية المشاريع التنموية المستقبلية، التي تبنتها (رؤية المملكة 2030)، والتي سوف تظهر في أكثر من منطقة على التراب الوطني الطاهر، سواء في مشروع البحر الأحمر، أو مشروع مدينة (نيوم) العابر للحدود، أو بقية المشاريع التنموية الأخرى.
مشروع (القِدية قدوة) لكل مشاريع المستقبل التي ننتظرها بفارغ الصبر. قدوة في أهدافه ومزاياه، وقدوة في تخطيطه وتنفيذه، وقدوة في السرعة التي يسابق بها الزمن.