د.ثريا العريض
في الأسابيع الماضية وصلتني دعوات عديدة لحضور مناسبات من مؤسسات رسمية ودولية متعددة, ومن سفارات تحتفل بأعيادها الوطنية. اعتدتُ أن تصل، وأستجيب لبعضها. وأعلم بالتجربة أن السؤال الذي سيوجَّه إليَّ من كثيرين, خاصة الإعلاميين الزائرين من الخارج, هو: «كيف ترين الأوضاع؟». أعلم أن بعضهم يبحث عن مادة صحفية لملء مساحة التزم بتقديمها، وأن بعضهم يبحث عن شيء غير معلن، قد يكشفه حوار جانبي في لقاء، لم يحدده موعد مسبق. بين هذه الدعوات استجبت لصديقتي المثقفة «مهى» التي ألحت على أننا بحاجة لتغيير الجو! فحضرت معها افتتاح الليالي الثقافية مع الأوبرا المصرية في مركز الملك فهد الثقافي. هناك بادرتني بالتحية سيدة شقراء، جلست على جانبي الآخر. عرَّفتني بنفسها, وأنها من فريق تلفزيون الدنمارك, جاؤوا لتغطية الحدث على أرض الواقع. وتبادلنا الحديث, ومحوره السؤال العتيد: «كيف ترين الأوضاع الحالية؟».
قلت باختصار؛ كي لا أزعج صديقتي المنسجمة مع الأنغام الأوبرالية التي تتهادى إلينا من المسرح عبر الصالة المكتظة: الحمد لله، الأوضاع تتحول! أو بالأحرى أحوالنا تتغير إيجابيًّا بأسرع مما كنا نحلم. وكل الشكر لسياسة شمولية التحول واستراتيجية عدم الانتظار.
لفت نظري التعبير السعيد على وجه صديقتي شبه مغمضة العينين، تبتسم من القلب؛ لا أدري تجاوبًا مع ما قلت, أم تجاوبًا مع جو التسامي مع تمازج الكلمات المنتقاة, ونغم الآلات, والأصوات المدربة حد الإبداع. وتداعى بي التأمل: لا يصح إلا الصحيح؛ حب النغم, طبيعيًّا أو مجسدًا بإبداع بشري, وقدرة الانفعال به, نعمة من الله.. والحمد لله على كل نعمه.
شكرًا لراعي وعراب قرار التحول؛ إذ ألغيا تعسف حظر الفن وفرض التصحر الثقافي. وشكرًا لوزارة الثقافة والإعلام على مبادراتها, واستعادة حس السعادة للقلوب المتعطشة للفن وجمال الإبداع وتحليق التعبير.