«الجزيرة» - غدير الطيار:
من على كراسيهم المتحركة، أو من فوق أسرَّتهم التي أصبحوا مقيدين عليها، تحتل الأبر والمغذيات مساحات من كفوفهم الصغيرة، وجوه شاحبة أرهقها العلاج الكيماوي أو الإشعاعي، أجزاء من أجسادهم تمَّ استئصالها، وكمامات تغطي أفواههم وأنوفهم الصغيرة، تحيط بهم مخاوف نقص المناعة المحتملة مع العلاج وتقضي على نشاطهم وحيويتهم.
«أطفال مرضى السرطان» يقضون ما لا يقل 3 سنوات بين جنبات المستشفى والنوافذ المغلقة، لم تمنعهم كمية الألم والمعاناة الممتدة مع المرض من أن يمسكوا بأقلامهم كما يمسكون بالأمل والحياة.
منذ عشر سنوات بدأت الفكرة قيام مجموعة متطوعة من المعلمات في إدارة التعليم بمنطقة القصيم بالذهاب للمستشفيات التي تحتضن الأطفال المصابين بالسرطان، لمساندتهم وتعليمهم خلال فترة علاجهم الطويلة، حتى لا يفقد الأطفال مسيرتهم التعليمية ويلحقوا بأقرانهم في نفس المرحلة، وهدفت الوزارة من خلال برنامج التحول الوطني 2020م، وضمن مبادرة تطوير التربية الخاصة، إلى إدراج مشروع تقديم الخدمات التعليمية للأطفال المقيمين في مراكز الأورام والمستشفيات ومن في حكمهم، يتم من خلاله تقديم الخدمات التعليمية في الفصول التعليمية التابعة لوزارة التعليم داخل المستشفيات ومراكز الأورام بالتعاون مع وزارة الصحة، وهدف المشروع إلى تفعيل دور مشاركة القطاع الثالث «الخيري» في تنفيذ المشروع من خلال مذكرة تفاهم بين وزارة التعليم وجمعية «سند» لدعم الأطفال المرضى بالسرطان، من أجل التشارك بتقديم الخدمات التعليمية للأطفال المصابين بالسرطان، التي تمَّ توقيعها من قبل معالي وزير التعليم وصاحبة السمو الأميرة عادلة بنت عبد الله، رئيس مجلس إدارة سند الخيرية، نهاية شهر ديسمبر 2017.
وتهدف المذكرة إلى التعاون بين الطرفين في مجال تقديم الخدمات التعليمية للطلاب المقيمين في مراكز الأورام والمستشفيات، وتوفير جميع متطلباتهم الدراسية والتعليمية والتربوية، وتقويمهم داخل الفصول التابعة لكلٍّ من وزارة التعليم، والفصول التعليمية التابعةلجمعية سند الخيرية.
وأكدت وكيل الوزارة للبنات صاحبة مبادرة تطوير التربية الخاصة، الدكتورة هيا العواد، أن للمعلمين والمعلمات دورا كبيرا في دعم الأطفال المصابين بالسرطان، إذ إنه لا يعتبر عملاً رسميًا أو عاديًا فقط، وإنما عمل إنساني.
وثمنت الاستاذة ريم الحجيلان، مدير عام جمعية سند، بمذكرة التفاهم التي ستدعم جهود الجمعية كي يحصل الأطفال على التعليم بالشكل المناسب لهم، وقت حصولهم على العلاج في المستشفيات تحت إشراف وزارة التعليم، ودعم الوزارة في تأمين معلمين/ معلمات متخصصين كمنتدبين لدينا في الفصول للمساعدة في تدريس الأطفال في المواد التخصصية حتى عمر 16 سنة، وتأمين التقويم لهم داخل مراكز الأورام.
وأصدر نائب وزير التعليم الدكتور عبدالرحمن العاصمي، تعميمًا لجميع إدارات التعليم يشتمل على دليل خاص بتقديم الخدمات التعليمية للطلاب المقيمين في مراكز الأورام والمستشفيات، يهدف إلى التعريف بالبرنامج، وشرح جميع التنظيمات والإجراءات لتقديم الخدمات التعليمية، والمرتكزات التي على ضوئها تمَّ إعداد الدليل، والفئات المستهدفة، ومكان تقديم الخدمة التعليمية، وتوصيف الخدمات المقدمة، وآليات تقديمها ومتابعتها من قبل الجهات ذات العلاقة بالوزارة، وإدارات التعليم التابعة لها.
وقالت الأستاذة غادة المعلمة المسؤولة عن الفصل التعليمي في مركز الأورام بمستشفى الملك خالد الجامعي الأطفال في المركز يحضرون إلى الفصل حالَ تحسن وضعهم الصحي، ويشعرون بفرح غامر حين يستطيعون تقديم الاختبارات؛ كونهم يرغبون في أن يعودوا إلى صفوفهم الدراسية مع زملائهم.
وأكدت عهود الرحيلي منسقة الجهود التعليمية في الفصول الدراسية بمراكز الأورام، على جهود وزارة التعليم مع جمعية سند الخيرية، التي فتحت نوافذ الأمل للأطفال المرضى ولذويهم.
وأوضحت الأستاذة نجلاء المشيقح، مديرة إدارة صعوبات التعلم بالوزارة، مديرة مشروع تقديم الخدمات التعليمية للأطفال المقيمين في مراكز الأورام والمستشفيات ومن في حكمهم، أن المشروع استهدف في خطته للعام 2017م، افتتاح 3 فصول تعليمية في «مركز الأمير فيصل بن بندر للأورام بالقصيم»، و«المدينة الطبية بجامعة الملك سعود بالرياض»، و»مستشفى الملك فهد التخصصي بالدمام» وتجهيزها بجميع الوسائل التعليمية والتقنية اللازمة من قبل وزارة التعليم وفق المواصفات والمعايير التي تشترطها وزارة الصحة، كاشفة أنه سيتم بالمرحلة القادمة استهداف الأطفال المرضى بالأمراض المزمنة، مثل «أمراض الجهاز الهضمي»، و«أمراض الدم» التي تتطلب الإقامة للعلاج لفترات طويلة.