تتميز المملكة بتنوع بيئي وطبيعي فريد يجعلها مؤهلة للنجاح والتميز في عدد من الأنماط السياحية ومنها السياحة الجيولوجية وتُعتبر السياحة الجيولوجية أحد الأنماط الحديثة للسياحة وهي وتندرج تحت مفهوم السياحة المستدامة بشكل خاص، وتقوم على المواقع ذات الخصائص الجيولوجية دون إتلافها أو تعريضها للدمار ، وتركز في المقام الأول على السمات غير الحيوية مثل التضاريس والميزات الجيولوجية.
وقد أطلقت الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني، برنامج السياحة الجيولوجية من خلال الإدارة العامة لتطوير المواقع السياحية في قطاع الاستثمار والتطوير السياحي بالهيئة، وبشراكة فاعلة مع الجهات الحكومية ذات العلاقة ومنها: « أمارة منطقة المدينة المنورة، وزارة البيئة والمياه والزراعة، هيئة المساحة الجيولوجية السعودية، الهيئة العامة للأرصاد وحماية البيئة، الهيئة السعودية للحياة الفطرية، وأمانة المدينة المنورة».
ويركز برنامج السياحة الجيولوجية على الأهداف الإستراتيجية لتطوير وتنويع المنتج السياحي الوطني، وتطوير نمط سياحي جديد للاستفادة من المعالم الجيولوجية الطبيعية والحفاظ عليها بيئياً من أي تعديات أو ضرر، إضافة إلى فتح مجالات جديدة لخلق فرص عمل متنوعة و دعم للتنمية الاقتصادية على المستوى الوطني، وتفعيل اتفاقيات التعاون ومذكرات التفاهم المشتركة بين الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني وعدد من الهيئات والوزارات ذات العلاقة.
وقامت الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني بتكليف شركة استشارية عالمية متخصصة لإعداد دراسة شاملة للمواقع الجيولوجية في المملكة، وبناء عليها أُعد برنامج متخصص لتطوير السياحة الجيولوجية في المملكة، يهدف للحفاظ وتنمية المواقع الجيولوجية في المملكة بصفة مستدامة، إلى جانب تطوير نمط سياحي حديث وتسويقه كمنتج جديد داعم لرؤية 2030.
واعتمد البرنامج، ما لا يقل عن موقع واحد ضمن مواقع التراث الطبيعي العالمي (اليونسكو) كمتنزه جيولوجي من قبل شبكة المتنزهات الجيولوجية العالمية، حيث انطلقت الهيئة بالعمل مع شركائها على موقع «شمال حرة رهط» بمنطقة المدينة المنورة ليكون أول متنزه جيولوجي يسجل ضمن قائمة التراث الطبيعي العالمي، كونه أحد أهم المواقع التي رشحتها الدراسة التي أعدها الاستشاري ويحقق المتطلبات والمعايير اللازم توفرها للتسجيل. وأعدت الهيئة خطة تنفيذية تمتد للعام 2021م تضمنت المهام والمسؤوليات والمدد الزمنية للإنجاز ، وتم البدء فعلياً بإنجاز عدد من المهام التي تضمنتها الخطة وفق الجدول الزمني المقترح.
وتتميز السياحة الجيولوجية بكونها أحد أهم الأنماط السياحية التي تنمو بشكل سريع على مستوى العالم.
ويوجد في المملكة عدد من مواقع السياحة الجيولوجية المميزة والتي سيتم تطويرها من خلال مشروع السياحة الجيولوجية ومن أبرزها: (وادي الديسة بتبوك، والشق والهوية والغراميل بمنطقة المدينة المنورة، والوعبة وحرة خيبر وحرة رهاط وجبل قدر و مسار حرة رهط وكهف ام جرسان بالمنطقة الغربية، تنومة بمنطقة عسير، وادي لجب بمنطقة جازان). «حرة رهط» أول متنزه جيولوجي مفتوح في المملكة.
يمثل جبل المليساء في حرَّة رهط (19 كلم جنوب شرقي المدينة المنورة) آخر موقع ومَعلم بركاني خامد في الجزيرة العربية. وتعد حرَّة رهط ضمن 12 حقلاً بركانياً، تتوزع في المملكة. وتضم الحرَّة وحدها سبعمائة مخروط بركاني، كما أنه تم تصنيف الحرَّة ضمن مشروع «حماية المعالم الجيولوجية»، بوصفه أول متنزه جيولوجي مفتوح في السعودية من قِبل الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني.
وتسعى هيئة السياحة، بالتعاون مع هيئة المساحة الجيولوجية بالسعودية، لطرح الحرَّة أمام الاستثمار بوصفها أول متنزه جيولوجي في المملكة، ضمن مشروع شمل أكثر من 380 موقعاً جيولوجياً. وتم اختيار موقع الحرة لأسباب سياحية وجمالية، والتشكيلات الصخرية ذات الطابع الجمالي، والمعالم الجيولوجية ذات الإرث التاريخي، التي أبرزها قرب المتنزه من النطاق العمراني للمدينة المنورة، والتشكيلات البركانية النادرة الموجودة في الموقع، إضافة إلى سهولة الوصول إليه عن طريق البر.
ويصف جيولوجيون حوض البحر الأحمر بالمنطقة بأنه الأغنى بالطفوح البركانية، وأن المملكة العربية السعودية وحدها تضم 12 حقلاً من حقول الحمم البركانية، تغطي ما يزيد على ثمانين ألف كيلومتر مربع من مساحتها، منها سبعمائة مخروط بركاني تنتشر على مساحة وحدود حرة رهط وحدها.
ويجري حاليا تعاون بين هيئة السياحة وهيئة المساحة الجيولوجية السعودية وأمانة المنطقة للمحافظة على وضعية الحرة المتميزة بوصفها موقعاً سياحياً استثمارياً؛ إذ تتميز عن باقي الأراضي المحيطة بها. وتشتهر هذه المنطقة بأنها المنطقة الوحيدة التي لم تمسها يد التغيير من الناحية الطبيعية. ويشمل المشروع طرح جزء من حرة رهط للاستثمار بمساحة 92 كيلومتراً، يتوسطها جبل الملسا الوارد في الروايات التاريخية، ويبلغ ارتفاعه 916 متراً عن سطح البحر، بوصفه بركاناً خامداً ذا فوهة كبيرة على قمة الجبل، وهو أحد أجمل المناظر والفوهات البركانية. وقد شكلت الحمم التي تدفقت من هذا البركان منذ آخر نشاط له في عام 1265 (أي قبل 742 سنة) أشكالاً من المناظر الطبيعية، تشتمل على الأنفاق والدعامات الخلابة، وتمنح المناظر فرصة الاستمتاع بالتشكيلات الطبيعية التي أحدثتها الحمم البركانية الناجمة عن النشاط البركاني.