سلمان بن محمد العُمري
هناك من الآباء والأمهات من يجني على أبنائه وأبناء الآخرين بأضرار ومخاطر لا تقف عند لحظة حدوثها، بل قد يمتد أثرها وضررها لسنوات طويلة، ويتطلب علاجها الكثير من الوقت والجهد، ولربما تسببت هذه الآثار في اضطرابات سلوكية وعقلية في قابل الأيام؛ لتحول الطفل السوي إلى طفل ضعيف، وبعد ذلك رجل مهزوز الشخصية، محموم بالعُقَد، وعديم الثقة بنفسه وبالآخرين.
لن أتحدث عن وسائل عقابية، اتخذها الآباء والأمهات؛ فأدت لهذه النتائج؛ فذاك أمر آخر، له آثاره وأضراره، وهو من المنهي عنه تربويًّا، ولكن المؤلم أن الحدث والسبب جاء من باب الترفيه والتسلية؛ ليتحول إلى نكد ومنغصات على حياة الأسرة، ومن ذلك بعض الألعاب التي نشتريها لأبنائنا دون أن نراعي العمر المناسب لمستخدم اللعبة، وهي من الألعاب المزعجة والمؤثرة حتى على بعض كبار السن، كمن يجلب (قناع الوجه) الذي يحمل صورًا مخيفة لمخلوقات غريبة ولمصاصي الدماء وغيرهم، ثم يشتريه الأب أو الأم بقصد تسلية الابن، وهو بذلك يجني على بقية إخوته وعلى المحيطين به من أبناء الأقارب والجيران، وربما كان لدى طفله قدرة على التحمُّل بشكل غير مألوف لدى الآخرين، فلماذا يجني عليهم؟! وربما كان أول المتضررين أهل البيت.
وما تنقله لنا وسائل التواصل الاجتماعي من مقاطع لإرهاب الأطفال وتخويفهم لهو أفعال تشمئز منها النفوس، وتدمي القلوب، وتدعو للشفقة على الأطفال الأبرياء وما تعرضوا له من تصرفات لا مسؤولة من كبار في الأجسام صغار في عقولهم وتصرفاتهم.
ومن المعلوم أن قنوات التلفاز العالمية وشركات الأفلام والسينما تحذر من مشاهدة الأطفال الفيلم دون السن المحددة إذا كان الفيلم يحمل مقاطع دموية ومخيفة، بل حتى نشرات الأخبار حينما تبث أخبار الحروب والكوارث تحذر من مشاهدة الأطفال التقرير أو الخبر مراعاة لمشاعر الأطفال، وخشية صدمتهم نفسيًّا.
لقد نهى الرسول -صلى الله عليه وسلم- عن ترويع المسلم، فكيف بترويع الطفل الصغير؟! وكم سمعنا عن قصص لأسباب الاختلال العقلي الكامل لأناس بسبب تعرُّضهم لموقف مروِّع في صغرهم أو شبابهم، سواء أكان ذلك عارضًا أو متعمدًا.
وكما أشرت مسبقًا، على أن التوبيخ العنيف والعقوبات الغليظة من الآباء والأمهات والمعلمين والمعلمات، ومثله (الترويع)، قد يولد ليس اضطرابات وعقدًا نفسية فقط بل مشاكل صحية. ولعلي أذكر هنا بعض المواقف التي سمعتها عن أكثر سبب لسُكَّري الأطفال، وهو الصدمة أو الخوف أو الفجعة أو الترويع.. ومن ذلك معلمة وبَّخت طالبة في الصباح الباكر قبل أن تقرأ الإذاعة الصباحية في المدرسة، ورفعت صوتها؛ فتأثرت البنت من الخوف، وسقطت وهي تقرأ من الخوف، ونقلوها المستشفى، واكتشفوا أن البنكرياس قد تعطل؛ وأصابها سكري الأطفال من الدرجة الأولى.
فعلينا أن نحذِّر من بعض الألعاب والأفلام والمواقف والعقوبات التي توجَّه للأطفال، وأن نعي وندرك خطورة هذا الأمر في ترويع الأطفال خاصة، والتساهل في هذا الجانب؛ لما له من مخاطر كبيرة وعواقب وخيمة على عقلية ونفسية الطفل.