سمر المقرن
كثيراً ما أفكر وأنا أرى الكم الهائل من قضايا الطلاق وما بعد الطلاق من عملية تشويه يتم تقاذفها بين الطرفين، أستغرب عند متابعة هذه السلوكيات المنحدرة، أنه كيف كان الطرفان في يوم من الأيام يعيشان أوقاتاً جميلة مليئة بالحب والتآلف؟! أتعجب أيضاً من إنكار هذه اللحظات الجميلة بعد أن تفسد العلاقة، ولا يتذكّر الطرفان أو أحدهما سوى المواقف السيئة، مع أن تذكّر الأيام والأوقات الجميلة أفضل بكثير من تذكّر المواقف الموجعة. المشكلة في هذه السلوكيات أنها لا تمس الطرفين فقط، بل هناك ضحايا لعملية التقاذف هم الأطفال أو الأسرة والأهل، وحتى المحاكم المليئة بالحكايات الفضائحية التي يحاول أن يشوّه فيها كل طرف الآخر!
ماذا لو كان مثل هؤلاء الناس أكثر نضجاً، ويتخذ التفكير في الموضوع آلية أكثر تنظيماً من بداية حسابات الطلاق، فالوصول إلى مرحلة الانفصال يعني أن الطرفين غير قادرين على استكمال العلاقة، وأن الانفصال هو حل للابتعاد عن المشاكل التي تملأ جدران البيت بالضجيج، بينما يتجهان إلى مرحلة أكبر من المشاكل بعد الطلاق وتكون المشاكل خارج جدران البيت، ويحاول أحدهما أو كلاهما أن يثبت للآخر أنه الأقوى من خلال ارتفاع حدة المشاكل، مع أن اللجوء إلى هذا السلوك هو قمة الضعف، إذا ما فكر كل إنسان بمرحلة جديدة كان «الفراق» فيها هو الحل السليم لإيقاف المشاكل لا إلى تفاقمها. ولو فكر هؤلاء الناس بإزاحة الطرف الآخر عن حياته تماماً وعن تفكيره، إلا في حال كان هناك أطفال بينهما، فيكون هناك آلية متفق عليها للتفاهم بينهما بأسلوب حضاري ومنهجية راقية لا تؤثِّر على الطرفين ولا على الأطفال والأسرة، بل إن بناء علاقة جديدة بين الطرفين فيها احترام وتقدير على الأقل للعشرة وللأيام الجميلة التي عاشاها سوياً، لما وجدنا قاعات المحاكم تمتلئ بالحقد والانتقام بين الطرفين.
انتهاء العلاقة أمر متعب وموجع، لكن لا ينبغي أن يترتب عليه سلوكيات أكثر وجعاً وإيلاماً، والعلاقة هنا أياً كان شكلها وليس بالضرورة علاقة زوجية، بل حتى انتهاء العلاقة بين الأصدقاء ليست أقل وجعاً من غيرها، لكن تجاوز الوجع يكون بالاستفادة من التجربة، وكلما أطلَت على الإنسان يفتح نوافذ الأحداث الجميلة التي جمعت الطرفين، لتظل ذكرى لا ترتكن للأحداث الحزينة!