عبدالله العجلان
أن يفوز الاتحاد العميد العريق البطل ببطولة كأس الملك فهذا أمر طبيعي واعتيادي، لكن أن يكون بطلاً لهذه البطولة الغالية في ظل معاناته وأزماته وصراعاته التي لو مرت على غيره لعصفت به إلى المجهول، والمزيد من التدهور والضياع، فهذا يعني أننا أمام فريق استثنائي مختلف، لديه عوامل تفوُّق وعناصر تميُّز نادرة، لا نراها إلا في أندية محدودة..
إحقاقًا للحق، نعم ساهمت هيئة الرياضة في دعمه وإنقاذه واستقراره ماليًّا وإداريًّا وفنيًّا، بيد أن الدور الآخر القوي كان لجمهوره الوفي، الرقم الصعب، الحاضر بمؤازرته وهتافه وتأثيره وتحفيزه وعطائه في كل المناسبات وأصعب المواقف والظروف.. وإذا كانت البطولات تجير عادة للمدربين واللاعبين والإداريين وأعضاء الشرف فهي بالنسبة للواقع الاتحادي تسجل لجماهيره اللافتة..
ظروف وأسباب البطولة الاتحادية تعد نموذجًا لتفعيل دور ومعنى وأهمية الجمهور، وكيفية توظيفه والاستفادة منه، كما تجسد حقيقة الشعبية والتعاطف مع النادي بطريقة واقعية صادقة، وليست مجرد شعارات وأرقام لا قيمة لها، وبالطبع لم تأتِ بالأماني والغوغاء بل هي امتداد للماضي الجميل وللتاريخ المنصف لاتحاد الرموز النجوم والبطولات..
شكرًا لهيئة الرياضة على الاحتفالية المبهرة بحضور الوالد القائد خادم الحرمين الشريفين.. هنيئًا لنا بعودة العميد لسابق مجده، مبروك للاتحاديين جماهير وإدارة ومدربين ولاعبين وأعضاء شرف بطولة كأس سلمان الحزم..
التحكيم.. الداء والدواء!
بعيدًا عن الخوض في تفاصيل قضية الحكم الدولي فهد المرداسي، ومدى صحة الاتهامات الموجهة له من عدمها، فإن الأهم في هذا الشأن هو أن الحكم السعودي حتى قبل هذه الحادثة لم يكن مرغوبًا فيه من قِبل كثير من الأندية لأسباب ومبررات مختلفة، أكثرها تأثيرًا ارتكابه أخطاء فادحة في مباريات حاسمة، ليس لقلة إمكاناته الفنية والبدنية وفهمه القانون، وإنما بسبب ضعف شخصيته وتأثره بالأجواء المحيطة به، وكذلك ـ وهذه يتحاشى الكثيرون الإفصاح عنها ـ تدخُّل ميوله وعلاقاته وضغوط مسؤولي النادي الذي يشجعه وأصدقائه والقريبين منه، إلى جانب ما هو أهم، وأقصد بذلك سوء إدارة لجان الحكام في السنوات الأخيرة، وعدم حصول الحكم على حقوقه المالية في وقتها رغم محدوديتها مقارنة بالحكم الأجنبي، وسيطرة التدخلات والمحسوبيات عليها وعلى قراراتها واختياراتها؛ وبالتالي فشلها في صناعة وتطوير وإبراز الحكم السعودي..
تحدثنا كثيرًا فيما مضى عن مشاكل وهموم التحكيم، وقلنا إنه يمثل العنصر الأهم والمؤثر على سلامة ونجاح المسابقات المحلية، والارتقاء بالكرة السعودية بشكل عام، وأكدنا أن العملية تحتاج إلى غربلة واسعة وخطة بناء وإصلاح، تبدأ من الصفر، أي من تأسيس الحكم، ومعايير وشروط قبوله لهذه المهنة الصعبة والحساسة، ثم اختيار لجنة الحكام الرئيسية واللجان الفرعية في المناطق بعناية، وإقرار لوائح مالية وتنظيمية وإدارية لتطوير الحكم، وزيادة أجره وإعطائه حقوقه كاملة، وحمايته من الضغوط والإساءات الإعلامية ومن مسؤولي الأندية، وفي الوقت نفسه تفرض عليه التقيُّد بالأنظمة، ومتابعة أدائه، ومحاسبته على أخطائه..
مقولة (الحكام بشر) كانت - وما زالت - ذريعة معطلة، وحجة بليدة، منحت الحكام السعوديين الضوء الأخضر لارتكاب المزيد من الأخطاء التي لا يمكن تصنيفها على أنها تقديرية، وتركه بلا مساءلة ولا معاقبة، وقبل ذلك عدم الاهتمام بتطوير أدائه. الأسوأ من هذا كله أن هنالك حكامًا معتزلين، بعضهم لا يزال يتولى مهمة مراقبة وتقييم الحكام، شوهوا صورة الحكم السعودي وانعدام الثقة به من خلال أطروحاتهم المخجلة المضحكة، وتحليلاتهم الغريبة المتعصبة..!!
لن يتعدل وضع التحكيم السعودي إلا باتخاذ خطوات قوية وجريئة، تعيد له هيبته وشخصيته، وتبعد عنه الشللية والمحسوبية، وتحسن اختيار إدارته وكوادره، وأن يكون البقاء والتحفيز للأفضل والأقل أخطاء، وليس العكس..!