أحمد المغلوث
القارئ للتاريخ بصورة جدية كان يتوقع أن يفعلها فخامة الرئيس الأمريكي «ترمب» ويسحب بلاده من الاتفاق النووي. فلقد أشار الرئيس إلى ذلك بطريقة مباشرة وحتى غير مباشرة ومنذ تسلمه سدة الرئاسة الأمريكية وكان العديد من المحللين والمراقبين وحتى كتاب افتتاحيات الصحف العالمية كانوا يشيرون ومن خلال تحليلاتهم إلى أن الانسحاب من الاتفاقية قادم لاريب فيه.. على الرغم من وجود تحفظات وحتى رفض من بعض الدول التي لها مصالح كبرى في حالة استمرارية الاتفاقية. وجميعنا شاهد كيف قام مجموعة من المتشددين في مجلس الشورى الإيراني بحرق العلم الأمريكي كردة فعل «مكره أخاك لا بطل» فلا بد مما ليس منه بد أن يرفضوا قرار «ترمب» الذي صدمهم ووضعهم في حالة «حيص بيص» كما يقال. ماذا يا ترى يستطيعون فعله أمام قرار رئيس دولة معنية قبل وبعد بهذه الاتفاقية. فهم يعلمون علم اليقين بأن الانسحاب سوف تكون له تأثيرات عديدة داخل نظامهم وشعوبهم المغلوبة على أمرها. التي راحت ميزانيات بالمليارات على تعزيز قدراتها التسليحية التي تسعى من خلالها استعراض «ترسانتها» من الأسلحة المختلفة والتي تستورد أجزاء كثيرة من مكوناتها من الدول الحليفة معها والتي كانت ضد الانسحاب، ففي حالة استمراره تستمر عجلة التصدير لهذه المكونات وتتضاعف المصالح، فاستمرار الأوضاع مع وجود الاتفاقية كما كانت في الماضي وعلى ما هي عليه يعني خيرًا كثيرًا للدول التي تشارك النظام الإيراني في تطوير قدراتها النووية أكانت من خلال الدعم الفني أو اللوجستي أو حتى عبر دعمها سياسيا. والوقوف بجانبها ضد الموقف الأمريكي الشجاع. ولا شك أن العالم انقسم إلى معسكرين رئيسيين. فهذا مع الانسحاب وذاك ضده. وهذا أمر طبيعي فالمنتمون للمعسكر الأول يعتقدون أن من حق إيران أن تنمي قدراتها وطاقتها على ما فيها من خطورة على الدول المجاورة لها بشكل خاص ودول العالم بشكل عام، والمعسكر الثاني ينكرون وجود أية قدرة نووية في نظام لا يمكن الوثوق فيه وعلى الأخص أنه بات ومنذ أربعة عقود الداعم الأول للإرهاب في العالم، بل إنه راح يصدر أسلحته وصواريخه البليستية إلى خارج نظامه. وإذا كان نظام الملالي راح يردد بأن سبق وقال أكثر من مرة «عدم إمكانيّة الوثوق بالولايات المتّحدة.. فمن باب أولى أن لا أحد يثق في النظام الإيراني خصوصا بعد دعمه للإرهاب والتطرف وتصدير الطائفية الممجوجة إلى دول أخرى. وما تتضمنه من أهدافبيثة وضارة للشعوب الأخرى وهي أهداف واضحة وجلية ولا تحتاج لتعليق أو شرح لتوضيح المصير القاتم لو استمرت القدرة الإيرانية في تنامٍ لا سمح الله.. وعلمنا التاريخ أن أفضل علاج لبعض الحالات المستعصية هي «البتر» ولا شك أن بتر النشاط النووي الإيراني كان قرارًا صائبًا وجاء في وقته، فعالمنا بحاجة أن يعيش في أمن واستقرار وأن تتجه الأنظمة إلى تنمية أوطانها وتهتم بشعوبها لقد شعرت بحزن شديد وأنا أشاهد مقطع فديو في «تويتر» لشاب إيراني يردد في انكسار إنني مستعد أن اقوم بعمل أي شيء من أجل الحصول على طعام. لقد مضت عليه أيام لم يأكل.. هل هذا يجوز في دولة تنتمي للعالم الإسلامي أن يجوع فيها مواطنوها؟ أو تحرم أقليات من حقوقها؟ ألا يسأل النظام لماذا هاجر وهرب ملايين الإيرانيين إلى دول العالم.. لماذا..؟