يوسف المحيميد
من أجمل طرائف الواتساب التي قرأتها هذه الأيام، والتي جاءت متناسبة مع توقيت شهر الخير، أن أحدهم كتب يقول، اتصلت على أحد الأشخاص الذين لديهم عاملة منزلية للتنازل، وقال إن قيمة التنازل ثلاثون ألف ريال، فسأله صاحبنا: «القاعة عليكم ولا علينا؟»، يقول إنه أقفل الخط في وجهه، بسبب مرارة سخريته، حينما جعل العاملة المنزلية بمثابة عروس، للمبالغة في ثمن التنازل عنها لصالح كفيل آخر.
وكما في كل عام، تزدهر السوق السوداء للعاملات المنزليات في شهر رمضان، مع تهافت الأسر ولهاثهم في البحث عن عاملة تنقل المطبخ المنكوب، ومن لديه عاملة قد يبحث عن ثانية لضبط إيقاع المطبخ اليومي، فيزداد الطلب خلال هذا الشهر، ويزداد الاستغلال والمتاجرة بالبشر، وهو ما يجعل المرء يتساءل، لماذا يركض الناس بحثًا عن العاملات في هذا الشهر الكريم تحديدًا، لماذا يتحول المطبخ إلى أرض معركة يومية ساخنة تحتاج إلى فرسان، لماذا يتحول هذا الشهر الفضيل، من شهر صوم وزهد وتقشف وتأمل إلى شهر طبخ وأكل وشراهة ونهم؟
أتساءل أحيانًا، ماذا لو تعاملت الأسر مع هذا الشهر كبقية الشهور، ولم تبالغ في الشراء والتسوق، ولم تملأ المخازن بملذات الأطعمة، واستمر نمط عيشها كبقية الشهور، بل خففت أيضًا من النمط المعيشي الاعتيادي، هل ستظهر أزمة العاملات مع مطلع هذا الشهر الكريم؟ وفي المقابل، لو تعاملت شركات توفير الأيدي العاملة بالساعات والأيام، مع هذه الأزمة بعقل تجاري، واستطاعت تأمين كافة الاحتياجات خلال هذا الشهر، وبأسعار مقبولة، ألن تكسد تجارة هؤلاء واستغلالهم، وتختفي هذه الظاهرة السنوية المقيتة، التي تحمل بعدًا لا إنسانيًا، لا يتفق أبدًا مع إنسانية هذا المجتمع، ولا مع روحانية هذا الشهر الكريم.