فوزية الجار الله
ما أجمل أن يؤرقك حلم ما ثم تتضافر الظروف والأحداث لصياغته لتجد نفسك اسماً مضيئاً، إنساناً فاعلاً يتسابق الكثيرون للاستفادة من سيرته وخبرته، ليس أمراً حتمياً أن تنشأ في كنف أسرة مثالية تحظى بالرعاية والحب والاحتواء لكي تكون ناجحاً، على العكس تماماً فقد تكون نشأتك في غاية البؤس والحرمان، تلك المعاناة وذلك البؤس هما اللذان صنعا منك ذلك الإنسان المتفوق.
وهذا ما نلمسه في سيرة مدرب الأداء العالمي توني روبينز وهو من مواليد عام 1960م، لعل البعض اطلع على سيرة هذا الإنسان لكنني لم أستطع تجاوزها حالما اطلعت عليها عبر أكثر من مصدر، كانت طفولة توني بائسة حيث كانت والدته تعاني من الإدمان الشديد للكحول والمخدرات ونادراً ماكانت تعود إلى المنزل، كان هو الشقيق الأكبر لإخوته الثلاثة، عانى كثيراً من العنف الجسدي من قبل أمه حيث كانت تضرب رأسه بالحائط حتى ينزف دماً.. تزوجت أربع مرات في طفولته. في يوم من الأيام في عيد الشكر كانت العائلة تعاني الفقر الشديد ولم يكن ثمة طعام في المنزل، طُرقَ الباب فجأة وإذا برجل عملاق غريب يقدم لهم علبة مليئة بالطعام، هذه اللحظة كانت مؤثرة جداً على الصبي الصغير توني كما يقول وحدث نفسه بأنه سيساعد الآخرين يوماً بنفس الطريقة. اتجه إلى القراءة بنهم، حيث قرأ في مراهقته أكثر من مائة كتاب في علم النفس وعلم وظائف الأعضاء والفلسفة، ذات ليلة في إحدى المناسبات تبعته أمه بسكين فخرج من المنزل ولم يعد إليه لكنه لم يتوقف عن دعم عائلته عن بعد. تابع دراسته وعمل بأكثر من مهنة، عامل نظافة وحارس عمارة وعاملاً بالأجرة، ويوماً ما التقى بصديق قديم له كان فقيراً وأصبح ناجحاً فأخبر توني أنه حضر ندوة لـ«جيم رون» وهو محاضر تحفيزي شهير، فكتب له توني سائلاً فيما إذا كانت له وظيفة لديه، قبله رون واحتواه بين جناحيه، فأقام توني ندوات أكثر فعالية ونجاحاً وسافر بين الولايات الأمريكية قائداً لمئات الندوات سنوياً، ثم أصدر كتابه الأول «قوة لاحدود لها» أطلقه في وسائل الإعلام الرئيسية، وقد أصبح لاحقاً من أشهر مدربي الأداء، وقد امتلك بعد ذلك ثلاثاً وثلاثين شركة، إضافة إلى أنه مستشار لمائتي ألف شخص وقد بلغ دخله خمسمائة مليون دولار سنوياً، تدرب على يديه الكثير من المشاهير منهم كلينتون، أوبرا وينفري، الممثل الشهير ليوناردو دي كابريو، نيلسون مانديلا والأميرة ديانا. ولم ينس الأعمال الخيرية وعلى وجه الخصوص تلك الموجهة للأطفال حول العالم.
من أبرز أقواله: «اللحظة التي تتخذ بها قراراً هي اللحظة التي تغير قدرك» وأيضاً «نستطيع جميعاً أن نغير للأفضل».