فهد بن جليد
لا يُمكننا الجزم بصحة ما يتردَّد بأنَّ مُعظم الآباء الجُدد في مجتمعنا يتفقون - ولو بشكل غير مُعلن (للأسرة الأم) - على الاكتفاء بعدد مُحدّد من الأولاد بعد قدوم المولود الأول أو الثاني, والتخطيط لتربيتهم بشكل صحيح وسليم وفق مُعطيات العصر وظروفه التي تغيّرت عن السابق، رغم الرأي الفقهي بتحريم (تحديد النسل) استناداً للحديث الشريف (تزوّجوا الولود الودود, فإنِّي مُكاثر بكم الأمم يوم القيامة)، ممَّا يدل على الترغيب في الإكثار من النسل, ولكن المؤكّد أنَّ هناك أحاديث أكثر اتفاقاً وترحيباً بقضية (تنظيم النسل) بمعنى ترك مدة زمنية كافية بين الولادتين حتى يتمكّن الأبوان من تربية أطفالهما والاهتمام بهم بالشكل الصحيح والمُرضي، على الأقل استناداً لرأي فقهي للعلاَّمة الشيخ محمد بن عثيمين - رحمه الله - فمن الأفضل أن يكون رب الأسرة دائماً شريكاً إيجابياً وفاعلاً في كل إستراتيجية اجتماعية أو سكانية نحتاجها لمعرفة المتوسط المُثالي مُستقبلاً لأعداد الأسر السعودية، خصوصاً مع غياب فهم مثل هذا التوجه والإستراتيجية وسط تباين الأرقام المُعلنة أصلاً حول المتوسط الصحيح .
تربية طفل واحد باتت اليوم مهمة أصعب بكثير من تربية ثلاثة أطفال في أي وقت مضى، هذه ليست آراء شخصية، بل حقائق مُعيشة، ليس من الناحية الاقتصادية فحسب، بل لخطورة تأثير المُعطيات والانحرافات الفكرية لشركاء التربية الجُدد من وسائل التواصل الاجتماعي، ووسائل الإعلام، والشارع، والمدرسة إضافة إلى الأقران وما يكتسبه الابن والابنة ويُطالبان به من حقوق مثل الثقافات الأخرى مع الانفتاح الذي يعيشه العالم اليوم نتيجة تغيّر مُتطلبات الحياة، وتبدل أدوار الأبناء، وإن كانت هناك آراء مُعتبرَّة تؤكّد أنَّ العجز لا يكون في التربية لناحية (كثرة الأولاد) أو قلتهم، بقدر ما أنَّ المسألة مُرتبطة بالوعي والخبرة في التربية الحسنة عند الآباء متى ما تمكنوا من السيطرة على أسس التربية والتنشئة الصحيحة.
هل مُجتمعنا بحاجة لزيادة الخصوبة وكثرة الإنجاب؟ - حتى لا نشيخ دوماً -، أم أنَّ الخيار الأفضل في التنظيم الذي لا يتعارض مع سماحة الدين؟ أم علينا تجاهل كل ما سبق والاستمتاع بكثرة الولد (زينة الحياة الدنيا) ورزقنا ورزقهم على الله؟
وعلى دروب الخير نلتقي.